نونا الشقية والتلفون
(((خلال عام 1989 كتبت عدة قصص قصيرة تربوية هادفة موجهة للأطفال بسنِ معينة ،
وكان القصد إخراجها بكتاب مع الرسومات المناسبة لها ، ولكن لم تحالف ظروف تلك
السنين مشروع الكتاب ، وها قد اخترت إحدى تلك القصص الآن تحت المقدمة ذاتها في
المجموعة :
تقول : الطفلة النشطة الذكية ( نوال) كان أهلها وكل من يطوف حولها وحتى في المدرسة
لا يعرفها إلاّ بلقبها ( نونا الشقية) ...)))
يوم من الأيام أرادت أم نونا الخروج من البيت لبعض الوقت ، وذلك من أجل عيادة إحدى
قريباتها ، وقد ألمّ بها مرض ، ووجب عليها زيارتها .
ولما كان عدم صحبة الأطفال لعيادة المريض هو الواجب ، فقد طلبت الأم من ابنتها نونا أن
ترعى أخيها الصغير . وكررت عليها التنبيه عدة مرات قائلة :
- لا تنسي يا نونا عندما يستيقظ أخوك ، أبدلي له ثيابه ، ثم أعدي له وجبته من الحليب
واحرصي على أن لا يبكي أبداً ، أليس كذلك ..؟
أجابتها نونا بكل انضباط وهي تودع أمها لدى الباب :
- حاضر يا ماما ، سأكون عند حسن ظنك ولا تقلقي أبدًا اطمئني .. وأخذت تردد في
سرها : اطمئني ..اطمئني ..!!
وما إن أغلقت الباب حتى انطلقت نونا إلى دروسها وواجباتها تلتهما بكل جد ونشاط وهي تكلم
نفسها :
- سوف أنهي كل دروسي وواجباتي قبل أن يستيقظ أخي ، ذلك من أجل أن أستمتع بكل
الوقت الباقي منه ..!
لكن نونا ما أن فرغت تماماً وشعرت أنها تملكت الوقت وأخيها لم يستيقظ بعد ، لمعت في
ذهنها فكرة !! وقالت لنفسها في غرور واضح :
- لقد أكملت كل ما طلب من دروس بسرعة هائلة ، ولازال لدي متسعًا من الوقت ،
سأتكلم مع صديقاتي ، فاطمة وهناء وعايدة وسارة ، وأرى ما حالتهم مع الدروس ، ثم أسرعت إلى جهاز التلفون وبدأت :
- آلو فاطمة مرحباً ، ماذا تصنعين ؟
- كما تعلمين لازلت في واجب الرياضيات وقد أنهيت واجب العلوم وأتمنى أن أنهيه
بعد قليل ، وأنت أين وصلت ..؟
- أنهيت كل شيء ، هيا يافاطمة ً ، كم أنت بطيئة ، أسرعي قليلاً لنخرج ونلعب في
مراجيح الحديقة ..!
واستمرت نونا في الحديث لزمن ، وهي تثرثرمع صديقاتها ،ولما أحست
أنها حققت مرادها ، أغلقت سماعة التلفون ، ثم أعادت الإتصال وقد نسيت صديقتها عايدة :
- مرحباً عايدة ماذا تصنعين ؟
- أكتب ماتبقى من دروس ألا تعلمين أن واجب القراءة طويل ويأخذ وقتاً ..!
- ها ..ها ..أنت كسلانة ياعايدة ، إنك لن تنتهي منه اليوم ، أنصحك بتأجيله ليوم غد ..!
- إذا أجلته فما أفعل الآن ؟
- نخرج سوياً إلى الحديقة ونلعب في المراجيح ، وقد أخبرت
فاطمة وهناء بذلك .
وهنا وعندما طال وقت حديثها مع عايدة ، سمعت صراخ أخيها ..!
- عايدة أرجوك ..لا تغلقي سماعة التلفون سأعود بعد قليل ، لقد استيقظ أخي الصغير ،
سآتي به انتظري ..
ولما عادت وجدت خط التلفون قد أغلق ولم يستجب لها أحد ،فالتفتت إلى أخيها وهو لازال
يبكي فزجرته قائلة :
- لقد أفسدت علي مكالمتي ، حسناً ..حسناً ، اسكت ..اسكت
سأعد لك وجبتك ..اهدأ قليلاً ..
تركت نونا أخيها يبكي ، ودخلت المطبخ لتعد ما أوصتها بها أمها ، وضعت إناء الحليب على
شعلة النار، وانتظرت هي تكلم نفسها
- سأغتنم وقت التسخين ،لأخبر صديقتي هناء بما أصنع فقد حدثتني يوما أنها تقوم
برعاية أخيها الصغير مثلي ..
- آلو هناء إلى أين وصلت في اعدادك للواجبات ؟
- انتهيت منها كلها ، ولكن بقي علي حفظ قصيدة الشعر .
- آه ..آه.. لقد انتهيت من حفظها ولكني قد نسيتها ،وقد اجتاحها فجأة ارتباك .. سوف
أرجع للتأكد من حفظها مرة أخرى . نعم.. نعم يا هناء لقد نسيت شيئاً عذراً منك ،إنني أشمّ
رائحة غريبة ..!سأعود إليك بعد قليل ..لا تغلقي التلفون ..انتظري دقيقة واحدة ..!
وما كادت نونا تضع سماعة التلفون ، حتى رأت أمها واقفة خلفها والدخان يملأ جو البيت ،
ولم تعرف ما الذي حصل ..!!
وسوم: العدد 920