زَهْرَةُ.. وَالْفِيل..
محسن عبد المعطي عبد ربه
اَلْبِنْتُ زَهْرَةُ بِنْتٌ رَقِيقَةْ .
كَالْوَرْدَةِ الْمُتَأَلِّقَةِ فِي الْحَدِيقَةْ .
ذَاتَ يَوْمٍ كَانَتْ تَزوُرُ حَدِيقَةَ الْحَيَوَانِ بِرِفْقَةِ أَتْرَابِهَا فِي السِّنِّ وَزَمِيلاَتِهَا فِي الصَّفِّ الثَّالِثِ الاِبْتِدَائِي وَمُعَلِّمَاتِهَا فِي الْمَدْرَسَةِ .
جَذَبَ انْتِبَاهَ زَهْرَةَ الْفِيلُ أَبُو زَلُّومَةَ بِخُرْطُومِهِ الطَّوِيلِ . وَكَادَتْ زَهْرَةُ تَخَافُ مِنْ مَنْظَرِهِ الْمُرْعِبِ.
وَلَكِنَّ الْعَمَّ يَاسِينَ طَمْأَنَهَا وَنَادَاهَا بِرِفْقٍ وَلِينٍ وَالاِبْتِسَامَةُ تَمْلَأُ صَفْحَةَ وَجْهِهِ :
تَعَالَيْ يَا ابْنَتِي لاَ تَقْلَقِي فَهَذَا الْفِيلُ وَدِيعٌ وَأَلِيفٌ وَحَبُّوبٌ ,مَا اسْمُكِ يَا صَغِيرَتِي؟!!!
اِسْمِي زَهْرَةُ
يُمْكِنُكِ يَا زَهْرَةُ أَنْ تَرْكَبِي هَذَا الْفِيلَ .
هَذَا سُلَّمٌ عَلَى جَنْبِ الْفِيلَ .
اِصْعَدِي وَامْتَطِي ظَهْرَ الْفِيلَ .
وَ بِالْفِعْلِ رَكِبَتْ زَهْرَةُ الْفِيلَ أَبُو زَلُّومَةَ .
وَأَخَذَ يَمْشِي بِخُطُوَاتٍ مُتَثَاقِلَةٍ وَزَهْرَةُ فِي قِمَّةِ السَّعَادَةِ وَأَخَذَتْ تُنْشِدْ:
أَيُّهَا الْفِيلُ سَلاَماً=يَا وَزِيراً لِلمَلِكْ
أَنْتَ مِنْ قَلْبِي قَرِيبٌ=قُمْ بِنَا افْرَحْ وَانْطَلِقْ
وَالْبَنَاتُ يُصَفِّقْنَ حَوْلَ زَهْرَةَ .
وَهِيَ مُمْتَطِيَةٌ الْفِيلْ
وَكَأَنَّهُنَّ فِي فَرَحٍ كَبِيرْ .
وَجَاءَتْ مُصَوِّرَةٌ فُوتُوغْرَافِيَّةٌ .
وَاسْتَأْذَنَتْ مِنَ الْمُعَلِّمَةِ فِي الْتِقَاطِ بَعْضِ الصُّوَرِ .
فَرَحَّبَتِ الْمُعَلِّمَةُ بِالْفِكْرَةِ .
قَالَتْ زَهْرَةُ:وَمَتَى يُمْكِنُنَا أَنْ نَأْخُذَ الصُّوَرَ؟!!!
قَالَتِ الْمُصَوِّرَةٌ:بَعْدَ سَاعَةٍ فَقَطْ يَا حَبِيبَتِي .
وَأَخَذَتْ زَهْرَةُ وَأُسْرَةُ مَدْرَسَتِهَا يَتَجَوَّلْنَ فِي الْحَدِيقَةِ .
وَهُنَّ فَرِحَاتٌ سَعِيدَاتٌ مَسْرُورَاتٌ مُبْتَهِجَاتْ
يَشْكُرْنَ الْمُعَلِّمَةَ أَنْ أَتَاحَتْ لَهُنَّ هَذِهِ الْفُرْصَةَ الْجَمِيلَةَ .
قَالَتِ الْمُعَلِّمَةُ:يَا بَنَاتِي الْعَزِيزَاتِ,,إِنَّ الْفِيلَ هَذَا الَّذِي رَكِبْتُنَّهُ هُوَ وَزِيرُ لِلمَلِكِ فِي الْغَابَةِ بِكُلِّ مَا فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ مَعْنَي .
فَهُوَ يُرَاقِبُ الْحَيَوَانَاتِ .
اَلْمُفْتَرِسَ مِنْهَا كَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ .
وَالْمَكَّارَ مِنْهَا كالثَّعْلَبِ .
وَالْوَدِيعَ مِنْهَا كَالْأَرْنَبِ.
وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَشَاكِلِ الْحَيَوَانَاتِ.
وَالْفِيلُ حَكِيمٌ يَمْلِكُ مِنَ الْفِطْنَةِ وَالذَّكَاءِ مَا يَمْلِكُهُ الْوَزِيرُ الْعَاقِلْ .
وَيحُلُّ مِنَ الْمَشَاكِلِ بَيْنَ الْحَيَوَانَاتِ ,مَا يَسْتَطِيعُ حَلَّهُ .
وَيَقْضِي لَهُمْ مِنَ الْأُمُورِ الْهَامَّةِ مَا يَسْتَطِيعُ قَضَاءَهُ .
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُقَدِّمَ تَقْرِيراً مُفَصَّلاً لِلمَلِكِ عَنْ كُلِّ الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَيَوَانَاتِ.
قَالَتْ زَهْرَةُ:اِسْمَحِي لِي يَا مُعَلِّمَتِي أَنْ أَسْأَلَكِ,مَنْ هُوَ المَلِكُ؟! قَالَتِ الْمُعَلِّمَةُ: الْأَسَدُ مَلِكُ الْحَيَوَانَاتِ .
عِنْدَمَا يَزْأَرُ الْأَسَدُ تَقُومُ الْحَيَوَانَاتُ كُلُّهَا عَلَى رِجْلٍ وَاحِدَةٍ الُكُلُّ يَبْتَغِي رِضَاهُ, هُنَاكَ مَنْ يُقَدِّمُ لَهُ الطَّعَامَ وَهُنَاكَ مَنْ يُنَاوِلُهُ الشَّرَابَ وَهُنَاكَ مَنْ يُبْدِي لهُ النَّصِيحَةَ وَهُنَاكَ مَنْ يَشُورُ علَيْهِ .
وَبَعْدَ ذَلِكَ,الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ لَهُ.
قَالَتْ زَهْرَةُ: إِنَّ عَالَمَ الْحَيَوَانَاتِ عَالَمٌ وَاسِعُ الْآفَاقِ,رَحْبُ الْخَيَالِ .
قَالَتِ الْمُعَلِّمَةُ: لَقَدْ صَحِبْتُمُ الْوَزِيرَ فِي رِحْلَتِكُمُ الْجَمِيلَةِ ,وَمَنْ يَدْرِي؟!لَعَلَّكُمْ بَعُدَ ذَلِكَ تُصَاحِبُونَ المَلِكْ!!!!