صديق
صعدتُ السيارة وقعدت بجانب، السائق ، وهو زميل في العمل ، فكان حديثنا في الطريق عن الزملاء ، وتعجبتُ لما أخبرني بأن لا صديقَ له ، فهو لما يرجع ُ إلى البيت يقضي الوقت مع أولاده ، أو أمام جهاز التلفزيون ...
قلتُ يجب أن يكون للمرء صديق أو صديقين ، الحياة دون صاحب قاحلة بل مستحيلة!
ابتسم وقال : ـــ لا تتعجب ! فأنا أيضا كنتُ مثلكم ..كان لي صديق أثير ، أودّه ويودّني ، أسره ويُكاشفني أسراره! صديق مثل الأخ، وأي صداقة تتجاوز العشر سنوات تكون أشذّ و أمتن ! لكن هل تعرف لماذا خاصمني ؟ وانهارت فجأة تلك الصداقة التي قاربت العشرين سنة!
صمتُ ولم أقل شيئا، فأكمل هو الحديث: ـــ الحسد !.. الحسد... فقط لأن الله رزقني الولد وجعله عقيماَ...
قاطعته ك ـــ استغفر الله... الذّرية من عند الله ولا اجتهاد لنا فيها كالأموال أو السيارة أو الزوجة الجميلة...
ـــ بعد أن رُزقت بالولد صار يبحث عن أتفه الأسباب ليُنهى ما بيننا من مودّة وعرى الصداقة ، وكنتُ أتجنبُ ذلك ، وأسعى جاهدا للحفاظ عليها ، حتى في ذلك المساء الربيعي ، قالها صراحة وبدون خجل ؛ أنا لستُ صديقك ... أنت عندك الولد وأنا عقيم ...
حدّثته عن الإيمان ، وأخبرته عن الكثيرين الّذين أنجبوا بعد سنين من الانتظار.. عليه أن لا يحزن! .
لكنه أصرّ على قطع حبل المودّة وصرخ في وجهي : ــــ لا أريد أن أراك تتجول مع طفلك الصغير وأنا .... أنا ... ثم ذهب وتركني ...
وأتيت ُ إليه في عيد الفطر لكي أصالحه رغم أني لم أفعل له شيئا، فرفضني، وأعدتُ الكرة في عيد الأضحى، فصدّني مصراً على موقفه الغريب...
ثم صمت .. فلم أشأ أن أستفسر أكثر ...
وانشغل هو بالمقود ، وانصرفت أنا أنظر إلى الدكاكين والمارة على الرصيف ...
وسوم: العدد 1023