عنزو يغير المنكر
عاد عنزو من خطبة الجمعة متحمسأ بعد أن سمع خطبة الشيخ عندو الغاضبة وهو يلعلع بصوته الجهوري عن وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..
قال عنزو في نفسه: حقا لقد كانت حقا خطبة ثورية صاروخية رنانة بامتياز .. تحض على اقتلاع المنكر من جذوره وتدمير أصحابه ورميهم في البحر... صحيح أن الشيخ من رجال العمدة .. ولكنه رجل صالح، فهو يستغل صلته بالعمدة ورئيس الشرطة ليقول الحق، ويوعي الناس.
كان في البلدة رجل سكير عربيد فتح ناد مختلط للتدريب الرياضي
اشتعلت الحمية في نفس عنزو وقرر أن يؤدب خنزو ومن معه ويضربه أمام الناس ويعلنها غضبة مدوية في سبيل الله تعالى
سار عنزو وهو يتمتم بالأدعية، ويتفاءل بأن الملائكة ستنزل وتؤيده كما حصل في غزوة بدر ...
تحين عنزو الفرصة المناسبة وهجم كالهزبر وانقض على خنزو في وسط النهار وقال: يا غارة الله.. وأضاف قائلا له: يا خبيث يا مجرم أنت تفسد أهل الحارة... تجمع الشباب والبنات خلط ملط... سود الله وجهك يا عدو الله.. سوف أسحلك وأجعلك عبرة..
هب المتدربون من الجنسين ليمنعوا عنزو من إيذاء خنزو دون جدوى فقد حصل بينهما احتكاك.. وأريقت دماء..
حضرت الشرطة واقتادت الطرفين للتحقيق..
بعد التوقيف أطلقت الشرطة سراح خنزو فهو يعمل بشكل نظامي وبرخصة، ولم يعتد على القانون، وهو يدفع الضرائب.. وقد علق صورة العمدة فوق مكتبه..
أما عنزو فهو متعد على القانون ويتدخل بحرية المواطنين، ويعمل وصيا عليهم، وينشر الذعر والإرهاب في البلدة، ويقطع أرزاق الناس... فحكمت عليه المحكمة بالسجن خمس سنوات ... واقتيد إلى زنزانة مظلمة خلف الأسوار...
غضب عنزو على الناس وكفرهم، لأنهم لم يقفوا وقفة رجل واحد ضد البغي والفساد في الأرض.. ولم يغضبوا لدينهم .. ولم يساندوه في المعمعة .. بل وقفوا يتفرجون غير مبالين..
أما الشيخ عندو صاحب الخطبة العصماء فقال ما أحمق عنزو.. نحن قلنا تغيير المنكر حسب الاستطاعة، كان بإمكانه أن يغير المنكر بقلبه فيقول اللهم هذا منكر لا أرضى به ولا أقدر على رده.. وانتهت القصة ...ولكنه ثور أهوج طائش، وأنا بريء منه.. إنه إرهابي مجرم خارجي..
بعد خمس سنوات خرج عنزو من محبسه، ليجد أن خنزو صار صاحب سلسلة من مراكز التدريب الرياضي .. في البلدة والإقليم كله...
وأما الشيخ فقد عاد من رحلة أروبية لنشر الدعوة والتسامح وتعليم الوسطية والاعتدال من خلال حياة النبي صلى الله عليه وسلم كانت إدارة الأوقاف قد ابتعثته إليها ... وهو غدا سيحتفل في فندق شيراتون بعقيقة ابنه السابع من زوجته الأوربية الثانية..
أما هو فكان صفر اليدين، خرج مريضاومحبطا، وخاف الناس من أن يقتربوا منه.. ولم يكن معه ثمن الدواء لمرض الجرب الذي ابتلي به وهو خلف القضبان.. ولا ثمن فرشاة أسنان.. مما جعله يلطم نفسه كالعجوز الشمطاء.. ويجري في الشوارع مذهولا ويقرع نفسه وهو يقول ماذا فعلت بنفسك يا عنزو؟ .. لقد خسرت كل شيء!..
في الطرف المقابل للشارع كان هنالك كهل ينظر إلى عنزو وعيناه قد اغرورقت بالدموع وهو يتمتم : الله لا يوفقهم ...لقد أضاعوك وأي فتى أضاعوا... حقا إنها دنيا خربانة.. لك الله يا مسكين.. لك الله يا مغفل.. رحم الله امرأ عرف زمانه وخزن لسانه.. لله الأمر.
وسوم: العدد 1079