نَجَاحْ..
محسن عبد المعطي عبد ربه
صَابِرُ دَائِماً يَقُولْ: الصَّبْرُ طَيِّبْ .
وَكَانَ صَابِرُ عَادَةً مَا يَقُومُ وَقْتَ آذَانِ الْفَجْر.
يَتَوَضَّأْ .
يُصَلِّي الْفَجْرْ .
يِدْعُو اللَّهَ مِنْ أَعْمَاقِ قَلْبِهِ أَنْ يُوَفِّقَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةْ .
وَطَالَمَا خَطَرَ عَلَى بَالِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)سُورَةِ الْبَقَرةْ .
كَانَ صَابِرُ يَعْرِفُ قِيمَةَ الصَّلَاةْ .
فَهِيَ صِلَةٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهْ .
وَكَانَ صَابِرُ غَالِباً مَا يَبُثُّ الدَّعْوَةَ إِلَى اللَّهِ بَيْنَ زُمَلَائِهِ بِطَرِيقَةٍ جَمِيلَةٍ يَشْعُرُ بِهَا مَنْ يَدْعُوهُ أَنَّهُ يُرِيدُ مَصْلَحَتَهُ وَالخَيْرَ لَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةْ .
ذَاتَ يَوْمٍ كَانَ يَجْلِسُ مَعَ زَمِيلِهِ الْأُسْتَاذِ مُصْطَفَى الْجَمَّالِ الَّذي سَأَلَهُ:
هَلْ تُصَلِّي الْفَجْرْ؟!!!
قَالَ: نَعَمْ .
لَوْ تَعْلَمُ يَا مُصْطَفَى مَا فِي صَلَاةِ الْفَجْرْ مِنْ خَيْرٍ لَمَا تَرَكْتَهَا فِي حَيَاتِكْ .
صَلَاةِ الْفَجْرِ فِيهَا تَبْكِيرْ .
وَالتَّبْكِيرُ يُوَلِّدُ الْفَلَاحَ وَالْفَوْزَ فِي كُلِّ الْأُمُورْ.
وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرْ:
بَكِّرَا صَاحِبَيَّ قَبْلَ الْهَجِيرِ=إِنَّ ذَاكَ النَّجَاحَ فِي التَّبْكِيرِ
وَفِي صَلَاةِ الْفَجْرِ إِضَاءَةٌ كَامِلَةٌ وَدَائِمَةٌ لِلْيَوْمِ الدُّنْيَوِيْ .
لِأَنَّكَ تَكُونُ قَدْ بَدَأْتَ يَوْمَكَ بِالِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهْ .
وَتَوَسَّلْتَ لَهُ بِطَاعَتِهْ .
فَيُوَفِّقُكَ فِي كُلِّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا .
قَالَ مُصْطَفَى: وَهَلْ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ كُلُّ هَذَا الْفَضْل؟!!!
قَالَ صَابِرْ: نَعَمْ يَا مُصْطَفَى .
لَيْسَ هَذَا فَقَطْ .
بَلْ لَقَدْ قَرَأْتُ فِي إِحْدَى الصُّحُفِ أَنَّ بَعْضَ الدِّرَاسَاتِ الْعِلْمِيَّةِ أَثْبَتَتْ أَنَّ الْكَثِيرَ مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ بِالسَّكَتَاتِ الْقَلْبِيةِ أَوِ الْجَلَطَاتِ الدِّمَاغِيَّةِ يَحْدُثُ لَهُمْ هَذَا وَقْتَ صَلَاةِ الْفَجْرْ .
فَمُعْظَمُ النَّاسِ الَّذِينَ يُصَلُّونَ الْفَجْرَ يَقِيهِمُ اللَّهُ مِنْ هَذِهِ السَّكَتَاتِ وَالْجَلَطَاتِ مُكَافَأَةً لَهُمْ .
وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا)سُورَةُ الْإِنْسَانْ(22)
وَبَعْدَ أَيَّامٍ جَاءَ مُصْطَفَى سَعِيداً يَقُولُ لِصَابِرْ:
هَلْ صَلَّيْتَ الْفَجْرْ؟!!!
لَمْ أَنْسَ حَدِيثَكَ الْجَمِيلَ عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ .
وَفَوْراً تَوَجَّهَ صَابِرُ بِقَلْبِهِ وَفِي قرَارةِ نَفْسِهِ شَاكِراً اللَّهَ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – أَنَّ دَعْوَتَهُ لَهُ - جَلَّ وَعَلَا- أَثْمَرَتْ وَجَاءَتْ بِنَتِيجَتِهَا .
ذَلِكَ أَنَّهُ يَتَوخَّى الْإِخْلَاصَ وَالْعَمَلَ لِوَجْهِ اللَّهِ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِهْ
وَقَالَ فِي - نَفْسِهْ-: الصَّبْرُ طَيِّبْ يَا صَابِرُ .
ثُمَّ قَالَ لِمُصْطَفَى – فِي انْشِرَاحِ صَدْرْ - :
عِنْدَمَا تَقُومُ لِصَلَاةِ الْفَجْرْ .
فَتَدْخُلُ الْخَلَاءْ .
تُخْرِجُ الْكَثِيرَ مِنَ الْمَوَادِّ الضَّارَّةِ مِنَ الْجِسْمْ .
وَعِنْدَمَا تَتَوَضَّأُ تَكُونُ قَدْ قُمْتَ بِعَمَلِيَّاتٍ وِقَائِيَّةٍ لِجَمِيعِ أَعْضَائِكَ الَّتِي تُجْرِي عَلَيْهَا الْوُضُوءَ كَالْعَيْنَيْنِ وَالْأُذُنَيْنْ .
وَعِنْدَمَا تَمْشِي إِلَى الْمَسْجِدِ تَكُونُ قَدْ حَرَقْتَ الْكَثِيرَ مِنَ الشُّحُومِ وَجَدَّدْتَ الدَّوْرَةَ الدَّمَوِيَّةَ وَقُمْتَ بِعَمَلِيَّةِ تَنْشِيطٍ لِكُلِّ أَجْزَاءِ الْجِسْمْ .
وَعِنْدَمَا تَدْخُلُ وَتُصَلِّي يَقِيكَ اللَّهُ بِفَضْلِهِ مِنْ أَمْرَاضِ الْمَفَاصِلِ وَالْعَمُودِ الْفَقْرِيِّ وَالْأَمْرَاضِ النَّفْسِيَّةِ فَتَعِيشُ مُطْمَئِناً مُرْتَاحَ الْبَالِ فَضْلاً عَنْ رِضَا اللَّهِ عَنْكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةْ .
قَالَ مُصْطَفَى: اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتْ وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْتْ .
رَدَّدَ صَابِرْ : آمِينْ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الصَّابِرِينْ .