مقهى الشياب
مقهى الشياب
حيدر الحدراوي
فتش كلهام جيوب سترته , فلم يجد فيها شيئا من المال .
كلهام : ام سعيد .. انه مخلي ربع بجيب السترة .. وين صار ؟
ام سعيد : خذو الجهال .. اشترو بيه موطه
كلهام : يا مناعيل الوالدين .. يعني لازم يكعدوني على الدجه !
خرج من البيت , متجها نحو مقهى الشياب , حيث يرتاد المقهى العديد من الشياب , ذوي الشخصيات الطريفة , كان مقابل المقهى توجد دكه كبيرة , يجلس عليها من لا يملكون ثمن الشاي , فتحدث الطرائف بين الجالسين عليها ومن هم داخل المقهى .
سلم كلهام على صاحب المقهى شرشاب وزبائنه , فردوا السلام , وجلس على الدكه , في هذه الاثناء وصل خشيش , نظر الى كلهام .
خشيش : شو هنا كاعد ؟
كلهام : الما يدفع يكعد على الدجه .
خشيش : جا انه اكعد يمك .
القى شعلان السلام على كلهام وخشيش , وجلس معهما , تلاه عبدالزهره وكريدي و شعيبث .
كريدي : منو يشربنه اليوم جاي
عبدالزهرة : هسه يجي واحد .. اصبر !
شعلان : اكللكم هذه مدير الناحية الكاعد هناك ... جا هسه اشربكم جاي .
شعيبث : أي المدير .
شعلان بصوت مرتفع : الكهوه صارت بس للعنده راتب , الموظف والمتقاعد .
انتبه رواد المقهى لكلام شعلان , واعتبروه ايذانا ببدء النزال , عجرش التفت نحو مدير الناحية والجالسين .
عجرش : لحد يرد عليهم ..
شعلان : اكول كريدي ..
كريدي : يا هله .
شعلان: اشكد راتب اصغر موظف ؟
كريدي : خمسمية الف
شعلان : جا المدير اشكد راتبه ؟ .
كريدي : الله يعلم
شعلان : شعيبث .. بالله احسب الخمسمية جم استكان جاي بيهن ؟
شعيبث : هو انه شنو الرسبني بالمدرسة غير الحساب .
شعلان : هسه احنه شنو الحصلناه من الحكومة ... شو بس تعالو للانتخابات روحو للانتخابات ... وكل قبض ماكو ... هسه مبارك ستكان جاي !
عجرش في الجهة المقابلة , طلب من زبائن المقهى , ان يصدروا اصواتا من اقداح الشاي , وشرع هو من جانبه بضرب الملعقة بالقدح , وتبعه الاخرون .
كلهام : ها عجرش بدل ما تشربنه جاي . كمت ادكدك النا ... سهله !
عجرش : والله انه عندي تقاعد واشرب جاي بكيفي و ادكدك بكيفي
شعلان : مو كلنه الحكومة تنطي ناس وتخلي ناس .
عجرش : جا ما تعينتو بذاك الوكت ؟
عبدالزهره : ابذاك الوكت جنه احسن منك .. شو انت جنت كاعد عله الدجه واحنه بالكهوه .
كريدي : الدنيا دواره .
شعلان : عبدالزهره .. جا انت شنو شهادتك ؟
عبدالزهره : انه خريج اول ابتدائي ... اربع سنين بالاول وبالكوه اتخرجت .. كسرت خاطر المعلمة ونجحتني !
كلهام : خريج اول ابتدائي وكاعد ويانه ؟ صدك جذب !
شعيبث : وما اتعينت لهسه .
عبدالزهره : لا والله . .. جا انتم شمخلصين ؟
شعيبث : انه داومت يوم واحد بالاول وبطلت من وره هذه المعلم ابو كاور .
كريدي : انه ظليت اسبوع بالاول ... وهجيت من وره ابو كاور
كلهام : انه داومت شهرين .. وشردت من ابو كاور
شعلان : جا انه ولا يوم .
خشيش : هم ابو كاور .. انه شبعت ضيم من وراه .. يبسطني بالمدرسة . ويوزوز ابوي يبسطني بالبيت .
شعلان : جا هسه احنه ما النه شي بالحكومة .. لا تعيين لا تقاعد .. الماعده شهادة
جا شيسوي.
كلهام : انه اشوف لا المدير ولا الكاعدين , وراهم جاي !
شعلان : جا شنسويلهم بعد ...
كلهام : هسه راح اشربكم جاي .
شلون ؟
واشار كلهام الى رجل قادم من بعيد .
كلهام : هذه شندل ..
عبدالزهره : شمندل ! بس شمندل ما يكعد بالكهوه .. ما يحب الشقه والقشمره .
شعلان : ولك شندل مو شمندل
كلهام : اتكربو يمي .. خلي اشرحلكم الخطة .
بعد ان اكمل كلهام شرح خطته لهم , نهض شعلان وعبدالزهره وتوجها نحو نهاية السوق , بينما كريدي وشعيبث توسطا السوق , وبقى خشيش مع كلهام , فما ان اقترب شندل منهما والقى السلام , بادره كلهام :
هاي وينك .. من يومين ما شفناك ؟
مو الصبح اليوم انت يمي .
هاي اشبيك ... شو امصخن .. وجهك صاير اصفر ..
خشيش متلمسا يد شندل : أي والله امصخن ووجهك صاير كركم .
شندل : ما بيه شي .. يمعودين .
فغادرهما وتابع سيره في السوق , حتى وصل الى نقطة تمركز كريدي وشعيبث , فسلم عليهما , وبادروه بنفس الكلام , غير انه لم يكترث , واكتفى بالنظر نحو كلهام وخشيش , وتابع مسيره , حتى وصل الى مكان تمركز شعلان وعبدالزهره , اللذان استوقفاه للسلام , وسمع منهما نفس الكلام .
عبدالزهره : كلهام ايكول .. شمندل امصخن او وجهه اصفر .
التفت شندل نحو مكان كريدي وشعيبث , واكمل طريقه , غير انه توقف , وضع يده اليمنى فوق اليسرى .
شندل : أي والله جني امصخن .. خلي ارجع للبيت .. واتاني مشرف حتى ياخذني للطبيب .
واستدار بطريق العودة لكن من غير جهة السوق , فتبعه كلهام والاخرون , حتى وصل البيت .
شندل : ام مشرف حضريلي فراشي وغطيني .
ام مشرف : خيرك يبو مشرف !
شندل : جني امصخن او وجهي صاير كركم .
في هذه الاثناء طرق الباب , فتحت ام مشرف الباب .
كلهام : الله يساعدج ام مشرف .
ام مشرف : هله خويه هله .
كلهام : ابو مشرف موجود مو ؟
ام مشرف : أي والله ماهي طيب .
كلهام : سويلنه طريج .. وروحي سويلنه جاي من ايدج الطيبه .
فدخلوا الغرفة , حيث شندل مدثر بلحاف , يرتعش من شدة المرض .
كلهام : طيب .. طيب انشاء .
شعلان : ما تشوف شر .
كريدي : الله يطيك العافية .
خشيش : مشافى .
شعيبث : الله يسلمك من كل مرض
عبدالزهره : طيب يخوي .
وبعد ان شربوا الشاي , طلبوا من شندل ان يجلس , واخبروه بالقصة .
شندل : شلون عبرتوها عليه ... وانه النجر !
