الصحون الطائرة
حيدر الحدراوي
فرغ علماء كوكب جنجل من صنع صحن طائر جديد , تم تجهيزه بتقنيات نادرة في ذلك الحين , تفوق سرعته سرعة كل انواع الصحون الطائرة , يطير الى مسافات بعيدة , لا يمكن تعقبه او كشفه بأجهزه الرادار , مجهز بأسلحة للهجوم والدفاع , دقة في التصويب , مهارات خاصة في الكر والفر .
فرح الامبراطور جنحيت بهذا الانجاز العظيم , واطلق عليه اسم ( خنسوس ) , الذي علق عليه امال الكوكب بالنجاة من الاخطار المحدقة به , فأستدعى ابنه الامير سندال , واطلعه على بعض الاسرار .
- بني ... ان مقدرات كوكب جنجل استنفدتها الحروب ضد قوات امبراطور الشر شلحوف ... ونحن الان في مفترق طرق ... اما ان نجلب الطاقات التي نريدها من كواكب اخرى ... او نستسلم للموت والفناء ! .
- او نبحث لنا عن كوكب اخر ... نعيش فيه بسلام ! .
- نعم يا بني ... منذ زمن ليس ببعيد ... اكتشفت فرقنا الاستطلاعية كوكبا يعج بالحياة ... لا زالت طاقاته وموارده كامنة ... بعيد جدا من هنا ... لا يعلم بوجوده احد غيرنا ... ولا يستطيع الامبراطور شلحوف ولا قواته من الوصول اليه .
- تريد مني الذهاب اليه ! .
- هناك سنرى ان كنت تستطيع ان ترسل لنا المواد التي نحتاج اليها ... او تهيأ لنا ذلك الكوكب للعيش فيه .
انطلق الامير سندال على متن الصحن خنسوس , برفقة فرقة خاصة من قوات النخبة الجنجلية , متوجها نحو كوكب الارض .
*****************************
اثناء ذلك , كان الامبراطور شلحوف يعقد اجتماعا مع قادة جيشه , يستمع لتقاريرهم بشأن الحرب ضد كوكب جنجل .
- سيدي الامبراطور ... ان كوكب جنجل خارت قواه ... ولن يصمد اطول من ذلك ! .
الامبراطور شلحوف : وماذا تقترح ايها الجنرال مردان ؟ .
- سيدي ... ارى ان نشن عليهم هجوما شاملا ... سريعا وخاطفا ... ومن كل الجوانب ! .
دخل احد الضباط مسرعا , انحنى امام الامبراطور شلحوف وقال :
- سيدي ... ان الامبراطور جنحيت ارسل ابنه الامير سندال الى جهة مجهولة ... على متن الصحن الجديد خنسوس ... وبرفقة فرقة خاصة من قوات النخبة ! .
- هل تمكنتم من تعقبهم ؟
- كلا سيدي ... لا يمكن لاجهزتنا الكشف عن الصحن خنسوس وتعقبه ! .
استشاط الامبراطور غضبا , نهض من كرسيه , تجول في الغرفة جيئة وذهابا , ثم التفت نحو القادة وقال :
- لابد ان الامبراطور جنحيت ارسل ابنه لجلب الدعم والمساندة من صديقه الامبراطور خنياب ... امبراطور كوكب كيواط ! .
- سيدي ان كوكب كيواط بعيد جدا ... وجلب الدعم سيستغرق وقتا طويلا ! .
- نعم ... لذا ابدءوا بشن الهجوم الشامل ... وليكن سريعا وخاطفا ... دونما تأخير ... ومهما كانت النتائج ! .
*****************************
هناك في كوكب الارض الجميل , عاد مرعيد من الطبيب , يقول لزوجته :
- تمساح في البانيو ... ضفدع في القدر ... سمكة في المقلاة ... فأرة في الجحر .... اووووه لقد نسيت ! .
- يا رجل ... هل نسيت ما قال لك الطبيب ؟ ! .
- نعم ... قال لي ان هناك كائن حي في مكان ما ... قد يكون قطة في الغرفة .... او عصفور في القفص ... او شيئا من هذا القبيل ! .
- لا تجهد نفسك ... فأنت مريض ... اتصل بالطبيب ليعيد عليك ما قال ! .
اتصل مرعيد بالطبيب , وقال له اني نسيت ما اخبرتني به , فغضب الطبيب ورد عليه :
- لقد قلت لك الف مرة ... ان لديك سرطان في الحوض ! .
لطمت الزوجة خديها , واخذت تولول وتبكي , ادرك الولد الصغير سنافي خطورة الموقف , فغادر البيت منزعجا , باكيا , وجلس مقابل البحر , يتأمله ويفكر .
- اذا مات والدي في هذا المرض الخبيث ... ماذا سيحدث لعائلتنا ... سوف لن اذهب الى المدرسة ... وهذا امر جيد وجميل ... لكني سأذهب الى العمل بدلا من ذلك ... اووووه يا ويلي ! .
اثناء ذلك , لاحظ سنافي كرة متوهجة تهبط من السماء , بشكل سريع , ما ان وصلت الى البحر , توقفت , ثم غاصت فيه ببطء , نهض واقفا , وهو يقول ( ما هذا ؟ ! ) , التفت يمينا ويسارا , خشية ان يكون احدا سواه قد رأى ذلك , لم يكن هناك احد قط , فقرر كتمان الامر , وان يحرص على مراقبة البحر .
في اليوم التالي , طوقت سيارات سوداء المكان , بحثا عن شيئا ما , استجوبوا مرعيد وزوجته.
- هل رايتم شيئا غريبا هبط قريبا من هنا ؟ .
- كلا سيدي ... اني راقد الفراش ... اصارع المرض ... وزوجتي تجلس بقربي طوال الوقت ... اما سنافي كان يجلس هناك على الشاطئ .
توجه احدهم الى سنافي :
- هل رأيت شيئا غريبا يهبط من السماء ؟ .
- كلا ... كلا ... كنت اتأمل البحر ... ولم الاحظ شيئا ابدا .
غادر الجميع للبحث في الجوار , قال احدهم :
- نحن متأكدون ان ذلك الشيء قد هبط هنا ؟ .
- من غير المعقول ان شيئا كبيرا كهذا يهبط ولم يره احد ! .
- اعتقد ان الولد رآه واخفى الامر ! .
- لماذا ؟ .
- شقاوة اطفال ! .
- لكن لو هبط ذلك الشيء هنا لكان له اثرا على سطح الارض ! .
- ربما غاص في البحر ! .
- سننتظر تقرير الغواصين ! .
بعد عدة ساعات , خرج الغواصين , وقال احدهم :
- لا شيء ... لا شيء على الاطلاق ... كما ان قاع البحر لم يطرأ عليها أي تغيير ! .
- حسنا ... فلنضع عدة كامرات ونراقب المكان ! .
وضعوا عدة كامرات , في اماكن مختلفة لمراقبة المنطقة من زوايا مختلفة , ثم غادروا جميعا , قصد سنافي الشاطئ , وجلس في مكانه المعتاد , وخاطب البحر :
- صديقي الصحن الطائر ... اسمي سنافي ... لا تخرجوا الان ... فقد وضعوا كامرات تراقب المكان ... انتظروا ريثما يرفعونها ... لقد جئتم في وقت غير مناسب ... أبي يعاني من مرض خبيث ... وهو يتوجع ويتألم ... ربما سيموت قريبا ...
خرجت ام سنافي من البيت , تصيح بصوت عال :
- سنافي ... اين انت ... يجب ان تعود للبيت هيا ! .
- اني قادم يا امي ! .
التفت نحو البحر , رمى حجرا وقال :
- اني مضطر للذهاب الان ... احذروا ... لا تخرجوا من البحر الان ... هل سمعتم ؟ .
*****************************
- سيدي الامير سندال ... تلقينا هذه الرسالة من احد سكان الارض ! .
ثم عرض الكابتن خشيش كلام سنافي للامير سندال , ما ان قرأه قال :
- طالما وانه قد عرف نفسه لنا كصديق ... لا يسعنا الا ان نقبل هذه الصداقة ! .
ثم اردف بعد ان تأمل قليلا :
- كابتن خشيش ... خذ الطبيب ومرافقيه ... واذهبوا لعلاج ابو سنافي صديقنا الجديد ... ولا يشعرن بكم احدا ... واحملوا لهم بعضا من الهدايا ! .
- امرك سيدي ! .
خرج الكابتن خشيش من الماء برفقه الطبيب ومرافقيه , وتوجهوا نحو بيت سنافي , فتحوا الباب برفق , كان الجميع يغط في نوم عميق , شرع الطبيب ومرافقيه بالعمل , اثناء ذلك , استيقظ مرعيد , فناله الفزع من تلك المخلوقات الفظيعة , فصرخ قائلا :
- من انتم ؟ .
- لا تخف ... نحن اصدقاء ... جئنا لتقديم العون ! .
- اصدقاء ... لابد انكم ملائكة الموت ... جئتم لقبض روحي ! .
واخذ يبكي , ويرمق سنافي بنظره الاب الرؤوف , وكأنه يودعه , ثم تحول بنظره نحو زوجته , وتذكر صبرها وتضحياتها من اجله , فأراد ان يودعهم , لكنه لم يقوى على الحراك , فحاول ان يصرخ ( الوداع ... الوداع ) , لكن العبرة خنقته , وحبست انفاسه , قطع الطبيب عليه تأملاته , وقال :
- لقد انتهينا ... اتشعر بألم ؟ .
- كلا ... وهل الميت يشعر بألم ! .
فتح الطبيب حقيبته , واستخرج منها عدة ادوية , وضعها بجانب مرعيد وقال له :
- تناول هذا الدواء ثلاثة مرات باليوم ! .
- قبل الاكل ام بعده ! .
- بعد الاكل .
- اذا لا حاجة لي به ...
- لماذا ؟ ! .
- لانه لا يوجد في بيتنا طعام لنأكله ! .
تدخل الكابتن خشيش :
- دعك من هذه الترهات ... يجب ان نغادر ... ويجب عليك ان لا تخبر احدا بذلك ... اما عن الطعام ... فهناك المزيد منه في البحر ... وما عليك الا ان تصطاده وتجد في كسبه ... وسنقدم لكم المساعدة ... الى اللقاء ! .
غادر الجميع , وعادوا الى البحر , من خلال بوابة تنفتح على ممر سري , لم تصور كامرات المراقبة شيئا , سوى التشويش ! .
في الصباح , استيقظت الام باكرا كعادتها , وايقظت سنافي , ما ان فتح عينيه حتى لاحظ تلك العلب الجميلة , فسأل امه :
- ما هذه ... ما بداخلها ... ومن جلبها ؟ .
- لا اعرف ... يبدوا ان احدا قد جلبها ... لكن كيف فقد كان الباب موصدا ! .
استيقظ مرعيد واخبرهم بما حدث ليلة البارحة , عندها قرر سنافي البوح بما لديه من اسرار , وتكاتموا الامر , فقررت الام ان تقدم هدية من اللبن البقري الطازج للجيران او الاصدقاء الجدد , فحمل سنافي وعاءا مليئا باللبن , ووضعه بالقرب من الشاطئ , وقال :
- ايها الاصدقاء ... شكرا لكم لشفاء والدي ... هذه هدية بسيطة عسى ان تروق لكم ! .
فجأة , تسارعت وتعالت موجات البحر , فأتت موجة سوداء , والتهمت الوعاء , وسحبته الى اعماق البحر , ابتسم سنافي , وقال :
- شكرا لقبول الهدية ... حسنا ... كيف يمكنني ان اراكم ... اجلس معكم واتحدث اليكم ! .
فاذا بصوت خافت , يتموج مع موجات البحر , ويرتفع مع الهواء :
- موعدنا الليلة ! .
هش سنافي وبش , واخذ يقفز من الفرح , الا ان امه قطعت عليه تلك الفرحة :
- سنافي ... هيا يجب ان تذهب الى المدرسة والا تأخرت ! .
- اوووووووه لا ... افي مثل هذا اليوم اذهب الى المدرسة ! .
**************************
ارخى الليل سدوله , تناول سنافي العشاء بشهية مفتوحة , ثم تظاهر بالنعاس , دخل غرفته , اوصد الباب من الداخل , وخرج من النافذة , توجه نحو البحر , وقال :
- ها قد اتيت ... تماما في الموعد ! .
فتحت بوابة في مكان ما , خرج منها احد الحراس , واشار لسنافي بالدخول , دخل سنافي , وانزلق في ممر طويل , كأنه سلم كهربائي , حتى وصل القاعدة , الصحن خنسوس , رحب به الجميع , وسار برفقة الحارس في عدة ممرات , عبر سنافي عن دهشته واعجابه بكل ما يراه , حتى وصلا الى مقر الامير سندال , الذي نهض من كرسيه مرحبا به , وتبادلا اطراف الحديث , سنافي يسأل , والامير سندال يجيب , حتى قص الاخير عليه القصة بكاملها , تأخر الوقت , وطلب سنافي الرحيل , واخبره الامير سندال , انه مرحب به على متن الصحن خنسوس في كل وقت , ما عليه الا ان يقف على الشاطئ ويقول ( افتح يا خنسوس ) , فتظهر له البوابة فيدخل فيها .
في الليلة التالية , وقف سنافي عند الشاطئ , وقال ( افتح يا خنسوس ) , فظهرت له البوابة , دخل فيها , وانزلق في الممر الكهربائي , ثم سار في عدة ممرات , يبتسم للحراس والضباط , لكنهم هذه المرة لا يبتسمون , بدت عليهم علامات الهم والحزن , نالته الدهشة , حتى وصل الى مقر الامير سندال , فوجده جالسا مغموما مهموما , مطأطأ الرأس , القى التحية , وسأل عما جرى :
- لقد شنت قوات الامبراطور شلحوف هجوما شاملا على كوكبنا ! .
- وهل صدت قوات كوكبكم الهجوم ؟ .
- نعم ... لكنهم لن يتمكنوا من الصمود طويلا ... كما واني علمت ان هناك خيانة في قواتنا ... اثرت سلبا على معنويات الجنود ... فتمكنت قوات الامبراطور شلحوف من الولوج الى كوكبنا ... والقاء بعض القنابل فيه ! .
- وهل ستذهبون للدفاع عن كوكبكم ؟ .
- امرني ابي ان ابقى على كوكب الارض واتوارى عن الانظار ...
فجأة , نادى الجهاز الالي :
- لقد تم تدمير كوكب جنجل بالكامل ! .
قفز الامير سندال من كرسيه , وادار شاشة كبيرة امامه , فشاهد كوكب جنجل قد تناثر الى قطع صغيرة , بينما قوات الامبراطور شلحوف تنسحب متبجحة بالنصر , فضرب بقبضته اليمنى الطاولة , واغرورقت عيناه بالدموع , وهو يقول :
- ابي ... شعبي ... وطني ... سأنتقم لكم .
**************************
زفت بشارة النصر الى الامبراطور شلحوف , واطلعه قادة جيشه بما جرى , واخبروه ان الحرب انتهت لصالحه , لكنه كان له رأي اخر :
- بين الامبراطور خنياب والامبراطور جنحيت معاهدات واتفاقيات تعاون حربي ... تربطهما ببعض ... الان وقد تلاشى كوكب جنجل ... وقتل الامبراطور جنحيت ... سيتوجب على الامبراطور خنياب من الايفاء بعهوده الى الامير سندال ... ان وجدناه وقتلناه ... سنكون في مأمن من غضب وانتقام كوكب كيواط ... اذهبوا وابحثوا عن الامير سندال واقتلوه ! .
- حاضر سيدي ! .
جابت فرق استطلاع قوات الامبراطور شلحوف المجرات والكواكب , بحثا عن الامير سندال , حتى وصلت احدى الفرق الى كوكب الارض , وكانت هذه اول مرة يكتشفوا فيها هذا الكوكب , فأخبروا الامبراطور شلحوف , الذي استبشر خيرا :
- هاجموا كوكب الارض هجوما عنيفا ... فأن كان الامير سندال متوار فيه ... سيخرج لقتالكم ... ثم اتركوا بعض العيون هناك ! .
****************************
اشرقت الشمس على كوكب الارض الجميل , ودبت الحياة فيه , ذهب الناس كل لعمله , وعلى حين غرة , وصلت فرقة من الصحون الطائرة , وبدأت بالقصف , فتعالت السنة النيران , وتهاوت البنايات والجسور , فسالت الدماء وتعالت الصرخات .
هبت الطائرات الحربية للمواجهة , الا انها بدت عديمة الفائدة امام الصحون الطائرة , لم تفلح بأسقاط صحن واحد , بل ولم تفلح بالفرار ايضا , بينما وجهت المقاومات الارضية نيرانها نحو الصحون الطائرة , الا انها بدت عديمة الجدوى ايضا .
استمرت الغارة عدة ساعات , ثم انسحبت فرقة الصحون الطائرة بالكامل , بينما عم الخراب والدمار كوكب الارض , تناقلت وسائل الاعلام صورا للدمار , وتصريحات الحكام والمسؤولين , ولقاءات مع المواطنين , تكلم فيها كل بما شاهده .
عقد حكام ورؤساء الدول اجتماعا كبيرا , ضم كل دول الكوكب , تداولوا الموضوع , اعلنوا حالة الطوارئ , وقرروا ان يضعوا حلا لهذه الازمة , والا فأن الصحون الطائرة ستعدم الحياة او تستعبد السكان , فتعالت الاصوات :
- ماذا سنفعل ؟ .
- تصدينا ببسالة ... واطلقنا المزيد من النيران ... الا اننا لم نفلح ولو بأصابة احدها ! .
- اذا نلجأ الى طريقة الكمائن ! .
- لماذا لا نطلب الحوار معهم ... لعلنا نستطيع ان نعرف سبب هذا الغزو ! .
- امريكا تعرف الكثير عن الفضاء ... ربما كان لهم اتصالا بهم ... وأساءوا التصرف معهم ... فجاءوا للانتقام ! .
- المهم ... ان ما حدث قد حدث ... ومن المحتمل انه سيحدث مرة اخرى ... فيجب علينا الاستعداد ! .
- يجب ان نوحد قيادة الكوكب ... ونختار قيادة مؤهلة وذات كفاءة عالية ... لتضع الخطط اللازمة للتصدي الحازم لهجوم محتمل قادم ! .
**************************
على متن خنسوس , كان سنافي والامير سندال يشاهدان الدمار الذي حل بكوكب الارض , فقال الامير سندال :
- لقد كان خطئي ! .
- كيف يكون خطأك ؟ .
- لم يكن يعلم الامبراطور شلحوف بكوكب الارض ... ولا يمكن لقواته من اكتشاف وجوده ... بسبب موقعه الفضائي .
- وما علاقتك بهذا الامر ؟ .
- عندما انطلقت بخنسوس من كوكبنا جنجل نحو الارض ... سرنا بخط مستقيم ... عندها سيتشكل خط مستقيم نتيجة انبعاث الغازات من محركات خنسوس ... لتبقى عدة ايام ومن بعدها تتلاشى ... فتتبعت قوات الامبراطور شلحوف مسار خط الغازات المنبعثة من خنسوس ... ولاحظوا انها انتهت في كوكب الارض ! .
- كان يجب عليك ان تسير بخنسوس بأتجاهات مختلفة للتضليل ! .
- لذا فأن الامبراطور شلحوف علم بوجودي هنا ... فوجه ضربته وانتظر مني الخروج للقتال ... عندها سيقضي على كامل كوكب الارض .
- لذا فأنهم سيعودون ! .
- نعم ... ولابد لي ان امنعهم من تدمير هذا الكوكب الجميل ! .
- ايمكنك ذلك ؟ .
- لا ... فلدينا صحن طائر واحد فقط ... ولديهم الالاف ! .
- ما الحل اذا ؟ .
- سوف اتصل بالامبراطور خنياب ... فهو امبراطور طيب القلب ... وسيهب لتقديم العون ... بحكم الاتفاقيات التي بيننا وبينه ! .
اجرى الامير سندال عدة اتصالات بالامبراطور خنياب , واخبره بكل ما جرى , فجهز جيوشا جرارة , انطلقت نحو كوكب الارض ستصل خلال يومين .
مر يومان بسرعة , ولم يبق امام جيش الامبراطور خنياب الا ساعات وتصل كوكب الارض , فشنت قوات الامبراطور شلحوف هجوما شاملا على الارض , عندها قرر الامير سندال ان يبادر لصد الهجوم , اصر سنافي ان يرافقه , فوافق الامير سندال , بدأ البحر يموج , وارتفعت امواجه , فحلق خنسوس بطلعة مهيبة , وشرع بأطلاق وابل من النيران على الغزاة , فتهاوت الصحون محترقة على الارض , لكن عددهم كان كبيرا , فلجأ الامير سندال الى طريقة الكر والفر , لكن سنافي كان له رأي اخر :
- لم لا نتظاهر بالهروب ... عندها يلحقو بنا ... ونكون بذلك ابعدناهم عن الارض ... وجنبنا السكان ويلات المجابهة ! .
- فكرة حسنة ! .
انطلق خنسوس نحو الفضاء الرحب , وتبعته كافة الصحون الغازية , لكن سنافي كان يحدق في الفضاء , ينظر الى الكرة الارضية , ثم يرمق القمر بنظرة اعجاب , ويقول :
- طالما تمنيت ان اسبح في الفضاء ... وانظر الى الكرة الارضية ... واقترب من القمر ! .
- تحققت امنيتك الان ! .
فجأة توقف خنسوس عن الهروب , وعاد نحو الصحون الطائرة , وشرع بأطلاق وابلا من النيران , فتناثرت الصحون هنا وهناك , وتبعثرت أشلاءها في الفضاء , وعلى حين غرة وصلت عدة فرق من القوات الخاصة التابعة للامبراطور شلحوف , واطلقت النار نحو خنسوس , نيران لا يمكن تجنبها , فأمر الامير سندال باسدال الدرع الواقي حوله , فارتطمت صواريخهم بالدرع , وانفلقت بعيدا , الا ان خنسوس بدأ يرتج بشدة , لكثرة الصواريخ , فقال الامير سندال :
- لا يمكن للدرع ان يصمد طويلا امام هذه النيران ! .
- وما العمل ؟ .
- خنسوس اسرع من صحونهم ... عند هذا الحد سنكتفي بنصف المرجلة مؤقتا ! .
- الهروب نصف المرجلة ! .
عندها امر الامير سندال بالهروب نحو الجهة التي يتوقع منها قدوم جيش الامبراطور خنياب , انعطف خنسوس بزاوية قائمة , وانطلق مسرعا , تتعقبه تلك الكتل من المعادن الطيارة , عندها صرخ احد الضباط :
- سيدي ... ان جيش الامبراطور خنياب امامنا على الرادار ! .
- حسنا ... سننضم اليهم ونشن هجوما خاطفا ! .
اشتبك الجيشان بقتال رهيب , تعالت فيه الصرخات من كلا الطرفين , استمر ساعات , لينتهي بهزيمة عظيمة لقوات الامبراطور شلحوف .
التقى الامير سندال بالقائد نخاي القائد العام لقوات الامبراطور خنياب , تعانقا طويلا , فقد كانت تربطهما علاقات حميمة , لم يتمكن القائد نخاي من اخفاء دموعه , واسترسل ببكاء مرا على خسارة الامبراطور جنحيت , وقرر ان ينتقم من امبراطور الشر شلحوف , لكن الامير سندال لم تعجبه فكرة الانتقام , بل كان يرى القاء القبض عليه , وتقديمه للمحكمة الكونية لمجرمي الحرب , فأقترح عندها سنافي ان يرسل الى المحكمة الدولية لمجرمي الحرب على كوكب الارض , لتتم معاقبته على الدمار الذي حل بالكوكب , الا ان هذه الفكرة لم تلق استحسان احد , فتحلى عندها سنافي بالسكوت ! .
استمرت الجيوش بالتقدم نحو كوكب لهمود , الذي يحكمه الامبراطور شلحوف , فمروا على كوكب الارض في طريقهم , فقال سنافي :
- هناك بيتي ... وامي وابي ! .
- ومدرستك ! .
- لا ... لا ... لا تذكرني بها الان ... لا تعكر مزاجي بمثل هذه الاشياء رجاءا ! .
شارفت الجيوش على كوكب لهمود , فاذا بجيش كبير اخر بقيادة الامبراطور خنياب , يطبق على كوكب لهمود من الجهة الاخرى , فطلب الامبراطور خنياب من الامبراطور شلحوف الاستسلام , لكنه رفض , واختار الحرب , فأندلعت حربا كونية , أتت على الاخضر واليابس .
وضعت الحرب اوزارها , خلفت دمارا شاملا لكوكب لهمود , ووقع الامبراطور شلحوف واركان حكومته في الاسر , وارسلوا الى المحكمة الكونية , التي قررت اعدامهم , ونصبت الامير سندال امبراطورا على كوكب لهمود , الذي ساس العباد بالعدل والانصاف , ونشر الاخاء والمساواة بينهم , لكن قوى الشر لا تحب السلام , وتكره ان يعم الخير والوئام .
استقبل الامبراطور سندال عدة وفود يمثلون ثلاثة كواكب , وفد من كوكب طريم , ووفد من كوكب دواس , ووفد من كوكب مرداس , طلبوا فيها طلبات اعجازية , لا يمكنه تلبيتها لهم , فقالوا على التوالي :
- ان لم تلبوا ... فسوف نحرص على تهيج القواعد الشعبية ضدكم ! .
- ننشر الفتن وعدم الاستقرار ! .
- سنضلل شعب لهمود ونغويه ... ونمده بالدعم المناسب لينشر الاضطراب على الكوكب ! .
انتشرت المظاهرات في ارجاء الكوكب , تطالب بالاستقلال والحرية , الانصاف والعدالة , فساد الاضطراب , واختلطت الامور , عند ذاك , التفت الامبراطور نحو سنافي وقال :
- آن الاوان كي تعود الى الوطن ! .
- لا يصح ان اتركك في مثل هذه الظروف ! .
- لا تقلق عما يجري ... هكذا دواليك الاحداث ... دائما هناك قوى تحب السلام والوئام ... واخرى تحب الخراب والدمار .
- دعني معك ... هذه المرة فقط .... لعلها ستكون الاخيرة ! .
- كلا لن تكون كذلك ... عندما يفلت الزمام من القوى الغاشمة ... يحل السلام ... لكنها تعود بعد ان تستجمع قواها ... وتلملم شملها ... فتصول مرة اخرى ! .
- لم يبق على نهاية العام الدراسي الا شهر واحد فقط ... دعني امضيه هنا ! .
- انك تتهرب من المدرسة ! .
- نعم ... سئمت من الفروض اليومية ... والاستيقاظ صباحا ... كما وان ابي فقير ... لا يملك مالا كافيا ليشتري لي به ملابس جديدة .
- بالرغم من كل ذلك ... يجب ان تذهب للمدرسة ... لتتعلم وتدرك معنى السلام ... وكيف ينبغي ان يكتنف و يعـم ويغمر البلاد والعباد !.