الروح الطائرة
مـصعب الـشيخ ويس
رفسات الباب كانت قوية كفاية لتسمع الحارة الهادئة فتح أحمد فصار ناس كالبغال وسط البيت .
اين ابوك ؟-
ابي بغرفته .-
هي لحظات حتى صار الرجل كعلبة داخل سيارة القتلة .
صرخ أحمد أبي أين تأخذوه ............؟؟.لم يلق أجابة لكنه يدرك أنهم المفترض أن يكونوا مصدر أمنه لا كل خوفه !!! .
ساءت حالة الأسرة الى اقصى درجاتها بغياب المعيل دون ادنى خبر........ الأم وأطفالها توزعوا بين الجيران بقي أحمد ذو الرابعة عشرة وحيداً يمشي كل يوم شوارع اللاذقية دون مأوى وطعام يقيه الهزال ؟؟
دحم الشتاء بكل قسوة لينهك كل الضعفاء والفقراء ويذكرهم ببؤسهم فبرده لا يرحم .
صغـيـرنا أحمد يمشي جائعاً والبرد جمّد أصابع قدمه فلم يعد يحس بهما ينظر الى الناس علّه يحظى بعطفهم فيسألوه لماذا أنت متأخر لهذا الوقت ولم تعد الى البيت... ؟؟؟ لكنه وجد اشباه البشر كأنهم ُخشبٌ مسّندة .
البرد الشديد ذكرّه أباه الغائب منذ تسعة أشهر وأمه البائسة ذهبت باطفالها الى مخيم أطمة علهّا تجد من يطعمهم ....... أخذ قطعة من رصيف متجمد ليجمّع جسده الخاوي
كان الجوع والبرد افقده كل قوة على الحركة ضم أطرافه الهزيلة ليبعث بهما دفئ مهزوم .
شعر بدفئ غير طبيعي يسري بعروقه والجوع اللئيم فارقه كانت هناك موائد ُتـفـرش ومواقد مشتعلة يراها ويحاول الوصول اليها....... ابتسامات الموجودين له واضحة .
أشرقت شمس يوم الثلاثاء حزينة كئيبة على شوارع مدينة اللاذقية حيث تجمهر أشباه الناس حول جسد مكوّر فوق أحد أرصفتها مغطى بلون أزرق يشهد على ماآلت اليه البشرية من ظلم وجور .
تحدث بعض الشباب عن شهيد البرد والجوع فعرفه الكثير منهم وتذكروا غياب ابيه بأقبية المخابرات وتشرد امه لكنه كان طائراً بروحه فوق الجميع يسمو بعليائه .