وقرن في بيوتكن
عزة راجح /مصر
[email protected]
عادت إلى المنزل تحمل أكياس الفاكهة في يد و الخضراوات
والمنظفات في اليد الأخرى ... توقفت أمام الأسانسير .. ضغطت الزر وهي تخرج الزفير
نارا من صدرها الذي أشعلت نيرانه ضغوط العمل ..، و من بعدها ازدحام الأسواق وارتفاع
الأسعار و.....
سمعت صوت حارس العمارة يقول باستخفاف : عذرا سيدتي اليوم
الأسانسير معطل .... واصل يقول دون ان تقاطعه : عموما الدور الخامس ها ها هااااااا
..... بسيطة ... بسيطه
لم تلفت إليه ... جرت أذيال الخيبة واعتلت السلم وهي تردد مع كل
درجة تصعد إليها : حسبي الله ونعم الوكيل
أخيرا وصلت إلى باب الشقة ... فتحت ... توجهت إلى المطبخ مباشرة
.. وضعت الأكياس بعصبية ..، و أشعلت موقد الغاز لتبدأ في اعداد الطعام ... دون ان
تبدل ثيابها أو تأخذ قسطا فليلا من الراحة فقد اعتاد زوجها والأولاد أن يكون الطعام
طازجا وإلا سمعت صراخهم والعويل وربما السباب واللعنات والغضب على الطعام
الوقت يمر مملا كئيبا وهي تقف في المطبخ تكاد تسقط مغشيا عليها
... الألام مبرحة في قدميها ... لا أكسجين في المكان بل أبخرة محملة بالدهون و
الشحوم ولا تستطيع رغم كل ما بها من ألم إلا أن تقلب هذا ... وتسحق ذاك و
......
أوشكت أخيرا أن تنتهي من اعداد الطعام ... سمعت صوت الباب يفتح
.... هزت رأسها حسرة وتمتمت : هيا ... هيا ... وصل الوحش وقبل أن تكمل ... وقبل أن
يغلق هو الباب خلفه
جاءها صوته يناديها باسم ابنها الأكبر كما اعتاد : علاء ...
علاء .. هل أعددت طعام الغذاء؟
تلك المرة كأنها قد فقدت صوابها وعقلها ... انفجرت ثائرة تصرخ
فيه وهي تقول ... نعم لقد أعدت الجارية الطعام ... ماذا بعد .... أية مساواة تلك
التي كنا نحارب من أجلها ... هل شاركتمونا آلام الحمل والرضاعة وسهر الليالي
بأطفالنا ... هل اقتسمنا أعمال البيت ... هل ؟ ... وهل ؟ .... وهل ..... ؟ مازلتم
جميعا ( سي السيد ) نقاسمكم الانفاق على البيت ولا تقاسمونا أعماله التي تنهشنا ليل
نهار ... أعود جارية ... و تعود أنت من العمل ... تأكل وتنام ... ، تستيقظ ...
تتناول الشاي وتجلس في الشرفة تقرأ الصجف والمجلات وأنا ... أنا .... انا
...
كانت تصرخ وتصرخ وتندفع الكلمات من فيها دون توقف وهو ينظر
إليها في ذهول .... لم يوقفها عن ما كانت فيه إلا أن رأت الجيران يتدافعون إلى
المطبخ حيث تقف وزوجها من الباب الذي نسي أن يغلقه خلفه في اندفاعه متسائلا عن
الغذاء ...
دهشت وهي تنظر ... وكأنه يوم الحشر ... إمتلأ المطبخ من حولهما
بالجيران وكل يسأل ماذا حدث ...... صرخت في الجميع وهي تدفعهم بيديها خارج المطبخ
دفعا : هيا .. هيا .. هيا وقرن في بيوتكن ... وقرن في بيوتكن
.....