العم بوطبيلة

العم بوطبيلة

رضا سالم الصامت

بوطبيلة رجل المهمات الصعبة ،  كل همة  يجر وراءه جريدة  نخل خضراء كي  تخافها الكلاب السائبة فيتركونه يطبل و يهتف مناديا : قم  يا صائم قم تسحر، ففي السحور بركة  يا نائم اصحي ففي السحور بركة

هو يمشي منتصب القامة فخورا بعمله ،و هو ينقر على الطبلة : دق -  دق -  دق -  قم  اتسحر يا نائم و وحد الدايم 

تسمع ضربات الطبلة و  نقراتها المحببة إلى نفوسنا فنشعر بحق أننا في شهر فضيل كريم 

 نتخيل الرجل و هيأته و نبتسم و نحن نستعد  للنهوض إلى مائدة السحور ، فنشعر بالسعادة و بكرم  الشهر المبارك

 العم بوطبيلة أو كما يحلو للغير تسميته المسحراتي  في الشرق أو بوطبيلة في المغرب العربي  إنسان كأي إنسان  مسلم أمين ورث عمله هذا عن جده و أبيه ، يقوم به متحديا  أي خطر  من أخطار الطريق و الكلاب السائبة و اللصوص و قطاع الطرق فقلت في نفسي : لا يكون  بوطبيلة رجلا عاديا ، قد يكون ثابتا شجاعا صاحب مبدأ و عزيمة لا تقهر،  لأن عمله هذا فيه مجازفة و تحد  فرمضان هذا العام ليس كرمضان العام الفائت و هكذا ، انه  يمسك الطبلة و ينقرها بعصا رقيقة  و هي تحدث لحنا جميلا  يدخل الطمأنينة على قلوب الصائمين  و القائمين ، انه يخرج في رمضان كل ليلة سواء جاءنا رمضان في الشتاء أو في الصيف أو في الربيع أو حتى في الخريف  موسم الأمطار فالرجل على ما يبدو لا يخاف الأمطار و لا الرياح  و لا الحر و لا البرد  عمنا هذا  لا يفارقنا طيلة  ليالي رمضان   و لا تفارق نقرات طبلته مسامعنا لآخر وقت من الفجر فيدغدغ آذاننا ويجعلنا كل ليلة ننتظر مجيئه بفارغ الصبر  لأننا اكتشفنا أنها عادة  من عادات الشهر الكريم  و هي عادة جميلة  ، فحتى الأطفال الصغار يحبذون سماع طبلته   و يشتاقون لرؤيته   و اليوم و قد صارت امة الإسلام حرة بعد ثورات حدثت  تغير الوضع و لم يفقد الطبال أو المسحراتي الأمل بل ازداد تفاؤلا بوطن أعيدت له حريته و كرامته بعد أن كان وطنا مسلوبا تحكمه عصابات من البوليس و الشعب يعاني الظلم و الاستبداد  فيخرج الطبال إن صح التعبير رغم ذلك ، لأنه وطني يحب بلده  و يحب شعبه  و هو مؤمن مع ذلك  ببهجة الشهر  و محبة الإنسان لأخيه الإنسان  فلا يخاف  و لا يرتبك و لا يتراجع إلى الوراء و يقضي ليلته في بيته  دون أن يساهم في إدخال فرحة الشهر على الصائمين 

إن العم بوطبيلة  رجل نبيل  يعرف تماما أن الشعب الذي قام بالثورة هو شعب واع و شعب لا ينام على الظلم و القهر و الجبروت  فقلبه ملأن بالحب  و بالأمل  لغد أفضل  و قلبه ملأن أيضا  على حب  تراب بلده و أزقته و أنهجه و معالمه  فهو يخدم   بثقة و عزم و نية صافية و إيمان صادق بهمة و عزم   باعتبار أن الوطن أمانة في عنقنا  جميعا 

انه العم بوطبيلة  الذي عندما يحل العيد  يخرج بطبلته  في صباح اليوم السعيد ليدخل البهجة و الفرحة على الأطفال  فيتعلموا منه معنى الوطن  و قيمته  و محبته  فيسعدون به و يرحبون أيما ترحاب و كلهم وراءه يتبعونه  كجريدة النخل الخضراء و هم سعداء بنقرات طبلته و أهزوجاته  المحببة إلى نفوسهم والتي يطلقها من حين لآخر  ، فتراهم يرقصون و يصفقون و يكبرون * الله أكبر

 سألت العم بوطبيلة:  أين هي جريدة النخل الخضراء التي تجرها وراءك ؟ فأجابني مبتسما : انتهى دورها ، الآن أجر ورائي  هؤلاء الصبية  الذين هم في عمر الزهور ، إنهم البراءة و إنهم مستقبل هذا الوطن المعطاء  . كان من أهم الناس الذي ننتظر قدومه... ننام ليلا و ننتظر قدومة قبل السحور ليصحينا  

 ما أجمله من شخص ينادى علينا كى نتجمع على مائدة  السحور ،  فى رمضان ... و يحسسنا فعلا بقدوم الشهر الكريم .... و فى أخرة نقدم العديد من الهدايا و تقدر  له  عمله على الخير و ما قام به معنا فىشهر الصيام و القيام   ...