اَلدِّيكُ الأَسْمَرُ.. الْقَصِيرْ
محسن عبد المعطي عبد ربه
كَانَ يَا مَا كَانَ ,فِي سَالِفِ الْعَصْرِ وَالْأَوَانِ ,دِيكٌ حَكِيمٌ أَسْمَرُ قَصِيرٌ ,يَصِفُ الدَّوَاءَ لِكُلِّ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ ,مُتَخَصِّصٌ فِي الطِّبِّ ,تَلْمَحُهُ يَقِفُ بَيْنَ الْفِرَاخِ ,فَرْخَةٌ تُدَاعِبُهُ وَ فَرْخَةٌ تُلاَطِفُهُ وَ فَرْخَةٌ تَبْتَسِمُ لَهُ وَ فَرْخَةٌ تَضْحَكُ مَعَهُ إِلَى حَدِّ الْقَهْقَهَةِ ,وَ اَلدِّيكُ الأَسْمَرُ.. الْقَصِيرُ يَرْفَعُ عُرْفَهُ ,وَهُوَ لاَهٍ سَعِيدٌ لا َيَضَعُ الدُّنْيَا فِي بَالِهِ ,ذَاتَ يَوْمٍ دَخَلَتْ عَلَيْهِ الدَّجَاجَةُ الْكَبِيرَةُ (نَسْمَةُ) بِفَرْخَتِهَا الصَّغِيرَةِ (نَنْسِي) وَقَدْ أَصَابَتْهَا السُّخُونَةُ الَّتِي تَشْكُو مِنْهَا كُلُّ الْفِرَاخِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ , وَلَكِنَّهُ مَشْغُولٌ عَنْهَا بِمُسَاعِدَاتِهِ مِنَ الْفِرَاخِ اللَّطِيفَاتِ , وَ الدَّجَاجَةُ(نَسْمَةُ) يُصَاحِبُهَا زَوْجُهَا الدِّيكُ الْأَحْمُرُ ذُو الْعُرْفِ الشَّامِخِ الْمُتَعَالِي ,وَكَانَا فِي غَايَةِ الْخَوْفِ عَلَى فَرْخَتَيْهِمَا الصَّغِيرَةِ (نَنْسِي) ,وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ اَلدِّيكُ الأَسْمَرُ الْقَصِيرُ يَتَحَدَّثُ مَعَ مُسَاعِدَتِهِ , وَكَأَنَّهُ لَيْسَتْ هُنَاكَ فَرْخَةٌ اسْمُهَا (نَنْسِي) أَمَامَهُ ,تُصَاحِبُهَا أُسْرَتُهَا الْقَلِقَةُ عَلَيْهَا غَايَةَ الْقَلَقِ ,مَعَ أَنَّ اَلدِّيكَ الأَسْمَرَ الْقَصِيرَ قَدْ لاَحَظَهَا فِي حَظِيرَتِهِ الْخَاصَّةِ بِاسْتِقْبَالِ الدَّجَاجِ الْمَرِيضِ , وَحَوَّلَهَا لِلْحَظِيرَةِ الْعَامَّةِ لِعِلاَجِ الدَّجَاجِ , قَالَتِ الدَّجَاجَةُ (نَسْمَةُ) لِزَوْجِهَا الدِّيكِ الْأَحْمُرِ :لَوْ كُنْتَ قَدْ تَعَلَّمْتَ الطِبَّ لَكُنْتَ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا اَلدِّيكِ الأَسْمَرِ الْقَصِيرِ , هَلْ هَذَا شَكْلُ طَبِيبٍ لِلْفِرَاخِ ؟! وَفِي أَحَدِ عَنَابِرِ الْفِرَاخِ الْمَرِيضَةِ ,تَحَدَّثَتِ الدَّجَاجَةُ (نَسْمَةُ) مَعَ بَعْضِ الْفِرَاخِ وَالدُّيُوكِ عَنِ اَلدِّيكِ الأَسْمَرِ الْقَصِيرِ وَهِيَ تَقُولُ: إِنَّ حَظِيرَتَهِ الْخَاصَّةَ بِعِلاَجِ الدَّجَاجِ الْمَرِيضِ فِي بَلْدَةٍ تُسَمَّى (عَفْرَةَ) قَرِيبَةٍ مِنْ بَلْدَتِهَا ,وَ إِنَّ كُلَّ الدَّجَاجِ يُحِبُّ اَلدِّيكَ الأَسْمَرَ الْقَصِيرَ الْمُتَخَصِّصَ فِي أَمْرَاضِ الدَّجَاجِ وَالْفِرَاخِ الصَّغِيرَةِ ,سَأَلَتِ الْفَرْخَةُ (لُوسَهْ) لِمَاذَا يَا عَزِيزَتِي ؟! قَالَتِ الْفَرْخَةُ (نَسْمَةُ) : لِأَنَّ اَلدِّيكَ الأَسْمَرَ الْقَصِيرَ يَأْخُذُ الْفِرَاخَ كُلَّ الْفِرَاخِ عَلَى هَوَاهَا ,ذَاتَ يَوْمٍ دَخَلْتُ عَلَيْهِ حَظِيرَتَهِ الْخَاصَّةَ بِعِلاَجِ الدَّجَاجِ ,لِيَكْشِفَ عَلَى فَرْخَتِي الصَّغِيرَةِ (نَنْسِي) فَقَامَ بِاللَّازِمِ ,وَكَانَتْ مَعِي الْفَرْخَةُ (سَمْرَةُ) أُخْتُ (نَنْسِي) تَشْكُو أَيْضاً بَعْضَ الْأَوْجَاعِ ,فَكَشَفَ عَلَيْهَا, وَلَمْ يَتَقَاضَ أَجْراً إِضَافِيًّا , قَالَ الدِّيكُ الْبُنِّيُّ : هَذَا شَيْءٌ جَمِيلٌ أَيَّتُهَا الْفَرْخَةُ(نَسْمَةُ) , إِنَّ الدُّيُوكَ الْمُتَخَصِّصَةَ فِي طِبِّ الْفِرَاخِ أَصْبَحُوا تُجَّاراً ,وَمَا يَهُمُّهُمْ هُوَ تَحْصِيلُ الْأَمْوَالِ ,وَلَيْسَ عِلاَجَ الْفِرَاخِ , وَمَا يَفْعَلُهُ اَلدِّيكُ الأَسْمَرُ.. الْقَصِيرُ شَيْءٌ جَمِيلٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ النَّاسِ , قَالَتِ الْفَرْخَةُ(نَسْمَةُ) : إِنَّ اَلدِّيكَ الأَسْمَرَ الْقَصِيرَ يَكْتُبُ عَلَي حَظِيرَتَهِ (اَلْفِرَاخُ الصَّغِيرَةُ جِدًّا تَدْخُلُ فَوْراً وَ اَلْفِرَاخُ الْكَبِيرَةُ جِدًّا الَّتِي تُعَانِي مِنْ حَالاَتٍ حَرِجَةٍ تَدْخُلُ فَوْراً ) دُونَ انْتِظَارٍ لِدَوْرِهَا فِي الْكَشْفِ , قَالَ الدِّيكُ الْبُنِّيُّ : وَ اللَّهِ إِنَّ اَلدِّيكَ الأَسْمَرَ الْقَصِيرَ صَاحِبُ ضَمِيرٍ حَيٍّ وَقَلْبٍ رَحِيمٍ عَلَى الْفِرَاخِ الْمَرِيضَةِ , وَلَيْتَ كُلَّ الدُّيُوكِ الْمُتَخَصِّصَةِ فِي طِبِّ الْفِرَاخِ يَحْذُونَ حَذْوَهُ.