أيّامٌ

أيّامٌ

مصطفى حمزة

[email protected]

  رجعت بذاكرتها .. إنها بدأت تشعر بابتعاده عنها بالضبط منذ عشر سنين ، من صباحِ احتفاله بعيد ميلاده الخامس والأربعين ! صباحَ ذلك اليوم لم تكن نظراته إليها ببريقها المعهود ، ولم يكن – كعادته – يَصْْفِرُ ويدندن أغنيته المفضلة وهو يتأمل وجهها الرائق الصافي ، وحين غادرها مُقطّباً لم يغمز لها بعينه كما عوّدها منذ أن دخلت بيته !

  ثم زادَ إهمالُه لها مع الأيام ، فكانَ يُطلّ عليها مرةً كل يوم ، ثم مرة كلّ يومين ، ثم انتهى به الأمر إلى ما يُشبه الهجران !

  وكانت تراقب عن بعدٍ سواد رأسه ولحيتِه وهو يستشري به البياضُ يوماً بعدَ يوم ، ثم وهو يتساقط شعر رأسه كندف الثلج ليتحول رأسه إلى صحراء يسطع من صفحتها السراب ! كانت تراقب ذلك بأسفٍ وأسىً ، وصمت !

  واليومَ بعدَ أن حاق بها الصدأ ، وجلّلها الغُبار ، فإنّ جلّ ما تتمنى من جميلها القديم أن يُلقي إليها بنظرة عابرة ، وهو يُغادرها إلى صلاة الفجر !