الكلب ميران والنحلة زهرية

الكلب ميران والنحلة زهرية

رضا سالم الصامت

في أحد أيام الربيع الزاهرة ، كان هناك كلب يدعى ميران عنيد ، لا يحترم جيرانه و يقلق راحتهم بنبيحه المتواصل و وسخه

ذات يوم  سمعت جارته النحلة زهرية  بأن هذا الكلب المتغطرس الذي يخافه كل جيرانه  لا يريد الامتثال لمطلبهم في تنظيف مكانه و لا يعيرهم اهتماما ، مما أثار سخطهم  و لم يقدروا على إقناعه بضرورة الكف عن صنيعه ، فأخذت النحلة زهرية على عاتقها  مسؤولية تأديبه و اعادته للجادة حتى يمتثل و يحترم راحة غيره .

قررت أن تهاجمه في عقر داره و أن تقلق راحته مثلما أقلق هو راحة جيرانه ،  فأصبحت في  كل يوم  تحط على أنفه و تقرصه في أماكن مختلفة من جسده فأحس بالوجع و ازداد ألمه بسبب قرص النحلة له ، رغم انه كلب قوي  و النحلة ضعيفة لا تستطيع حتى الدفاع عن نفسها  .

لم يستطع الكلب ميران تحمل هذا الألم الذي سببته له النحلة و لم يتمكن من التغلب عليها و إيقافها و في كل مرة يفشل حتى أصبح يعيش حياته في نغص مستمر و يخاف مجيء جارته النحلة في كل يوم لتنكل به و تذيقه المرمثلما أذاقهم هو.

غضب الكلب ميران غضبا شديدا و قال في نفسه : لا حل لي سوى أن أتظاهر بالكلب الوديع و أذهب لأشتكيها إلى ملك الغابة الأسد نيرون .

بعد يومين وصل الكلب  إلى ملك الغابة، فوجد النمر سرجون حارس الملك في انتظاره  ، تقدم نحوه و قال له : يا سيدي النمر ، جئت لملك غابتنا أشتكي من تصرفات النحلة زهرية جارتي ؟

رد عليه النمر قائلا : و ماذا فعلت لك ؟

قال الكلب ميران : أقلقت راحتي ، و نغصت حياتي

دخل النمر سرجون لملك الغابة و قال له : يا مولاي ،  بالباب الكلب ميران يريد تقديم شكاية في جارته النحلة زهرية

رد عليه الأسد نيرون : أدخله  حالا  يا  حارس

دخل الكلب ميران و بدا لطيفا و دودا و انحنى أما سيده الأسد نيرون احتراما  و قال : يا مولاي الأسد يا ملك غابتنا الهمام ، جئتك  شاكيا باكيا  من النحلة زهرية  جارتي

رد عليه الأسد قائلا : و لكن  النحلة زهرية أعرفها  ضعيفة مؤدبة و نظيفة محترمة ، فماذا فعلت لك ؟

قال ميران الكلب : إنها تهاجمني يوميا و تقرصني في كل أجزاء بدني  و يمكنك أن ترى آثار قرصها لي

قال الأسد : هكذا و بدون سبب 

رد عليه ميران قائلا : نعم يا مولاي ،هكذا و بدون سبب ، إنها مجنونة

فكر ملك الغابة  قليلا ثم قال له : حسنا ، بإمكانك الانصراف ، سأرسل في دعوتها لأفهم المشكلة التي بينك و بينها

غادر الكلب ميران قصر ملك الغابة الأسد نيرون مضطربا و حزينا ...

و في الغد أرسل نيرون الأسد حارسه النمر سرجون، و ما أن وصل إلى بيت النحلة زهريه ، حتى كاد يغمى عليه من الروائح الكريهة المنبعثة من بيت الكلب ميران

 فسأل النحلة قائلا : ما هذه  الروائح الكريهة ؟

 قالت له : إنها رائحة منبعثة  من جارنا الكلب ميران ، أريت بنفسك ما نعانيه . 

فهم النمر  المشكلة التي جعلت النحلة زهرية تهاجم جارها الكلب ميران و تقلق راحتها و قال  للنحلة : هيا معي إن ملك الغابة الأسد نيرون  في انتظارك  ،  بالأمس جاء جارك الكلب ميران  و قدم شكوى ضدك  

ذهبت النحلة مع حارس الملك و فور وصولهما  ، طلب النمر سرجون من النحلة الانتظار قليلا  ، حتى يأذن لها ملك الغابة بالدخول .

دخل الحارس النمر سرجون إلى الملك الأسد نيرون و قال له : يا مولاي ، إن الكلب ميران هو من قام بإيذاء النحلة زهرية و كل جيرانه فعندما وصلت لجلب النحلة زهرية  ، كدت أموت من الرائحة الكريهة المنبعثة من بيت الكلب ميران

رد عليه الملك نيرون أسد الغابة : إذن الكلب ميران كذب علي  في الشكوى التي تقدم بها ضد جارته النحلة زهرية

أشار الملك نيرون إلى حارسه بيده ، و طلب منه أن يدخل النحلة زهرية حالا

دخلت زهرية  و هي ترتعد خوفا من الملك نيرون الأسد و قالت له : يا مولاي  إن الكلب ميران هو الذي أضر بي و بغيري   من الجيران ، انه كلب كذاب 

فرد عليها الأسد : اعرف  أيتها النحلة ، لا تخافي ، انك نحلة لطيفة و نظيفة جميلة  ، لكن لدي  سؤال و أريد إجابة واضحة  

قالت : و ماهو ؟

قال : ليس مسموح لك بأن تهاجمي الكلب ميران ، فكان عليك أن تتصلي بي أو تنبهي عليه فان لم يلتزم  فالقانون يأخذ مجراه ...

قالت النحلة : لقد نبهت عليه عدة مرات و كل الجيران أيضا ، لكنه  هو من تعمد إيذائنا و لذلك أردت فقط أن أجعله يحس و يعترف بتجاوزاته و ينظف مكانه و يقدر حق التقدير راحة غيره

فكر الملك قليلا في جواب النحلة  ، ثم أذن لها بالانصراف  و طلب من حارسه النمرسرجون أن يأتي له بالكلب ميران فورا.

وصل ميران الكلب إلى ملك الغابة فصاح الأسد نيرون فيه و قال : ألا تخجل من نفسك أيها الكلب ، و أنت على هذه الحالة الرثة ؟

أيرضيك أن تشتكي بجيرانك و أنت ما تعمدت إيذاءهم بوسخك و نباحك المستمر فأقلقت راحتهم ؟

و تأتيني بكل وقاحة لتشكو بنحلة نظيفة جميلة تدر عسلا بدعوى أنها هاجمتك و أقلقت راحتك ؟

فمن الذي أقلق راحة من ؟

انك كلب غير صادق و غير أمين و غير نظيف و لست محترما .

ألا تعرف أن النظافة من الإيمان و أن الوسخ من الشيطان ، فهل أنت شيطان؟

و فجأة نادى ملك الغابة  حارسه النمر سرجون : أيها الحارس ... أيها الحارس  خذ هذا الكلب من أمامي  و لا تتركه يذهب قبل أن يمضي على وثيقة يلتزم بمقنضاها  بعدم إزعاج جيرانه و يلتزم بنظافة جسمه و بيته  و إن رفض  التوقيع فاسجنه خلف القضبان لمدة عام .

خاف الكلب ميران و ندم على ما فعله و التزم للنمر سرجون و فور وصوله أخذ ينظف بيته و جسمه و لم يعد كثير النباح حتى لا يقلق راحة  جيرانه و أصبح الجميع يعيشون في انسجام و هدوء  ، يحبون بعضهم البعض .

أما النحلة زهرية و الكلب ميران فقد أصبحا  جارين عزيزين تربطهما علاقات ود  و تعاون .

و هكذا يا أصدقائي الصغار من هذه القصة نأخذ عبرة  تصلح بنا حتى نحافظ على علاقاتنا مع الآخرين و أن لا نتسرع  في الحكم عليهم لأن من يعرف نفسه إن أخطأ في حق شخص ما فقد يأتيه يوم و يشعر فيه بالندم و يصلح نفسه ويصالح غيره و يحفظ الود و العلاقة الجيدة بالتفاهم و التعاون .