قصة حقيقية
قصة حقيقية
غرناطة عبد الله الطنطاوي
[email protected]
كانت عناصر الأمن السوري وشبيحته يتجولون في منطقة دوما، يبثون الرعب في قلوب
الأهالي..
يعتقلون الشباب والأطفال دون وجه حق..
ركض أحدهم إلى بيت أحد المعتقلين، ليخبر أم المعتقل باعتقال ابنها.
عندما علمت الأم باعتقال ولدها ذي السبعة عشر ربيعاً، هبّت واقفة كالنسر الجارح،
وخرجت من بيتها مسرعة، حتى وصلت إلى الباص الذي يتكدس فيه المعتقلون.
ولكن الباص كان يحيط به عصابة الأمن والشبيحة بأسلحتهم وعتادهم الحربي الهائل،
وكأنهم يحاربون عدوا خارجياً مدججاً بالسلاح، وليس شعباً أعزل من كل الأسلحة، إلا
سلاحاً واحداً فتاكاً تعجز عن صنعه كل قوى البغي، إنه سلاح الإيمان بالله والإيمان
بعدالة قضيتهم..
صرخ أحد الشبيحة بالأم المفجوعة كي تتوقف، وصوّب نحوها سلاحه بعنجهيته الممقوتة.
توقفت الأم ونظرت نظرة نارية إلى هذا الشبيح الأهوج، وقالت له بصوت قوي:
-لو كنت رجلاً اقترب مني.. أنت ومن معك يا شبيحة الأسد..
شعر الشبيح بالخوف من هذه المرأة، ونظر إلى من حوله من الأمن والشبيحة كي يستمد
منهم القوة حتى يهجم على هذه المرأة الأم، وإذا بالجميع ينظر نظرات تائهة ضائعة
خائفة، ويتساءلون عن سبب قوة هذه المرأة الخارقة، فلا يجدون إجابة عن هذا التساؤل..
استمرت الأم بالمسير نحو الباص حتى وصلت إليه.
تسلقت الأم درجات الباص بسرعة البرق، واقتربت من ابنها الذي كان يتلقى ضربات الشبيح
بكلتا يديه، حتى يحمي رأسه.
أمسكت الأم برأس هذا الشبيح الحقير، وألقته بعيداً، وهي تشتمه وتشتم رئيسه الأسد
وآل الأسد بأقذع الشتائم..
ثم جذبت ابنها بيديها القويتين الحنونتين وأوقفته، وأخذت تسحبه من يده، والأمن
والشبيحة المدججون بالأسلحة، قد عقدت الدهشة ألسنتهم وأيديهم فلم يُحركوا ساكناً.
ثم اخترقت هذه المرأة مرة أخرى صفوف الأمن والشبيحة، بعزة نفس وثقة بالله، ومعها
ابنها المحرر وهي تقول لهم:
-إن
كنتم رجالاً وأنتم لستم كذلك فاقتلوني وخذوه مني ..
واستمرت المرأة مع ابنها في المسير حتى بلغت مأمنها..