الغراب والصخرة

الغراب والصخرة

رضا سالم الصامت 

في أحد الأيام كان هناك غراب يطير في أعالي السماء و معه قطعة من الحلوى وكان فرحا بها .

الغراب لا يتكلم لأن قطعة الحلوى بمنقاره الصلب ، و بعد رحلة طويلة بدأ التعب يأخذ منه فقرر أن يرتاح فنزل على صخرة ، و أخذ يحرك جناحيه و يرفع رأسه و فجأة تكلمت الصخرة و قالت له : أهلا بصديقي الغراب ،

لكن الغراب لم يرد عليها لأن قطعة الحلوى بمنقاره

فقالت له الصخرة : لماذا لا ترد علي ؟

كان الغراب يسمعها و لكنه لا يستطيع الرد عليها بسبب قطعة الحلوى التي هي بمنقاره

قالت الصخرة : لقد فهمت ، انك  تكرهني و لا تريد التحدث معي

قال في نفسه  : لا أكرهك أيتها الصخرة فلولاك  لما وجدت مكانا أرتاح فيه

غضبت الصخرة عندما لم يكلمها الغراب و قالت له :  أتعرف إني جائعة ، هل تعطيني قطعة الحلوى ؟

وضع الغراب قطعة الحلوى إلى جانبه ثم قال لها : نعم، إنها لك

شكرته الصخرة و قالت : أنا فخورة بك أيها الغراب

قال : العفو الست صديقتي؟

قالت : نعم ...

التفت الغراب للصخرة و قال لها : أنت أقوى مني أيتها الصخرة الصلبة

ردت عليه الصخرة قائلة : و أنت أيضا أيها الغراب تستطيع الطيران في أعالي السماء

قال : نعم ، و لكني ضعيف ، أما أنت فلديك قدرة على تحمل الرياح و الأمطار و العواصف في الشتاء

قالت الصخرة : و أنت أيها الغراب مشهور في العالم أجمع ،و تتميز بهيبة صوتك ، رغم أن كل الناس تتشاءم لرؤيتك بسب لونك الأسود.

رد عليها الغراب و قال: أنت أيضا أيتها الصخرة حجر صلب ،وقد اهتم بك علماء الجيولوجيا و أنت  محطة لكل الناس يأتونك للراحة و النزهة و حواليك هذه الأعشاب و الزهور تزيد في بهاءك و جمالك مع اخضرار الأرض و الأشجار ،فأنت صديقة للبيئة و كل العصافير التي من حولك تزقزق فرحانة و الفراشات الجميلة تحوم في أجواءك  و تأتي لتحط على جسمك الصلب و هي سعيدة فرحانة .

ردت عليه الصخرة و قالت : و لكني حزينة ، فهناك الكثير من الناس يعبثون بي و يفسدون واجهتي بالنقش  كلمات على جسمي بآلة حادة فأتألم كثيرا ..

قال الغراب : أنا أيضا حزين ، فهناك من يكرهني و عندما يصطادني  ينكل بي و يضعني في سجن أعيش ما بقي لي من عمر مقهورا .

قالت الصخرة : لعل  أهم شيء بالنسبة لي إن الله بارك في و جعلني جد مشرفة و لدي أخت في القدس تعاني الأمرين  ، و لدينا أعداء نحن معشر الصخر...

رد عليها الغراب قائلا: نحن أيضا لدينا أعداء معشر الغربان ، فأنا  أقوم  بإخفاء طعامي في عدة  أماكن كثيرة ومختلفة بعيد ا عن أعين الأعداء وأقوم بإخفائها بالأوراق وفروع الأشجار...

وان كان الغذاء قليلا أخفيه في مخابئ ،  و إن كان كثيرا فلن أستطيع الحفر وأدفنه بل أبحث في الأرض عن فروع أشجار وأوراق شجر و أخفيه .

ردت عليه الصخرة قائلة : أما أنا فلا طعام لي أخفيه لأن جسمي لا يتحرك  ، فألف شكرا على قطعة الحلوى و سوف لن أنسى جميلك يا صديقي الغراب

قال لها : ساترك لك قطعة الحلوى ، كعربون حبي و وفائي لك أيتها الصخرة الجميلة  لأنك منحتني الثقة و الحنان و جعلتني ارتاح  في ظلك ..

التفت الغراب  نحو قطعة الحلوى ،و تركها على الصخرة  ثم ودعها و طار ...

و مرت الأيام و الأشهر و الأعوام و عاد الغراب  إلى تلك الصخرة  و لم يجد قطعة الحلوى ففرح و قال إن صديقتي الصخرة قد أكلتها و حط فوق الصخرة و قال :

ها قد عدت لك أيتها الصخرة ، كيف وجدت قطعة الحلوى؟

قالت  : لذيذة جدا أيها الغراب الذكي  ، لها مذاق حلو كحلاوة صداقتنا ...

رد عليها الغراب و قال : سأجلب لك ثمارا و إن احتجت إلى شيء  فأنا على استعداد لجلبه لك .

ضحكت الصخرة فرحة مستبشرة  ، و شكرت صديقها الغراب ..

وهكذا تنتهي قصة الغراب و الصخرة ، التي تتضمن عبرة لكل صديق و صديقة يحافظان على الود و الصداقة التي تربط بينهما ليعيشا في تفاهم و سعادة.