الفراشة الصغيرة
رضا سالم الصامت
كانت يرقة ثم بدأت تنمو و صارت لها أجنحة مزينة بألوان جميلة زاهية، ورغم صغر سنهأرادت أن تبدأ فسحتها الأولى في حديقة لا تبعد كثيرا عن بيتها و طلبت من والدتها أن تسمح لها بهذه الفسحة ، لأنها لم تعد تطيق البقاء في منزلها ، لكن أمها حذرتها من الخروج وحدها، حتى لا تتعرض لأي أذى .
غضبت الفراشة و غافلت والدتها و خرجت من بيتها وحدها، وقالت في نفسها: صحيح أني صغيرة وضعيفة ، ولكني سأثبت لأمي أني جرئية و جميلة .
في طريقها قابلت في الحديقة وردة ، فوقفت أمامها و هي ترفرف بجناحيها ً، وقالت :أيتها الوردة أنا أجمل منك ،و جسمي ناعم و ليس لدي أشواك ،و لي أجنحة مزينة مزركشة بألوان جميلة ، أما أنت فانك وردة و غصنك كله أشواك .
تحركت الوردة و قالت لها: أنا أمتاز برائحة لطيفة طيبة ، و يحبني كل العشاق و بدوني أنت أيتها الفراشة الصغيرة لا يمكنك العيش في هذه الدنيا ، فأنت تمتصي رحيقي ، وهو غذاء لك ،و لو اقتربتي مني فبشوكي قد أجرح جناحيك .
تملك الغضب الفراشة من كلام الوردة ، و بكت و أحست أنها فعلا ضعيفة ، و ندمت شر الندم على عدم سماع كلام والدتها .
جاءت النحلة فوجدت ابنة جارتها الفراشة كئيبة فسألتها : ما بك يا فراشتي حزينة هكذا ؟
قالت : الوردة أسمعتني كلاما ألمني و أحزنني !
وماذا قالت لك ؟
قالت : إنها أجمل مني و بدون رحيقها لا يمكن لي أن أعيش ، ثم قالت أن شوكها قد يجرح جناحي ...
ضحكت النحلة و قالت للفراشة الصغيرة : هوني عليك أيتها الفراشة الرقيقة و عودي لوالدتك فأنت مازلت صغيرة و قد تتعرضي للأذى ، لا فحسب من الوردة ، بل و حتى من الغير ،مثل طير جائع أو ثعبان تائه أو عصفور قد يأكلك ...
خافت الفراشة من كلام النحلة، و بقيت لوحدها تفكر . فشعرت بالذنب عندما غافلت والدتها و خرجت من البيت ، و بينما هي على تلك الحال ، إذ بعصفور فوق شجرة يلمحها فأخذ يطاردها ، فجرت مسرعة و هي ترفرف بأجنحتها المزركشة وهو يلاحقها ، حتى دخلت المنزل و هي تلهث ، و أغلقت الباب على نفسها و بقيت مضطربة ترتعد من الخوف . وندمت على خروجها إلى الحديقة ، و قررت أن تسمع كلام والدتها في المستقبل .
هكذا يا أصدقائي الصغار تنتهي قصة الفراشة الصغيرة و التي ، فيها مغزى و عبرة أهمها "من لا يسمع كلام كبيره ، يكون الهم تدبيره "