زهران و الكلب الوفي ميران

زهران و الكلب الوفي ميران

رضا سالم الصامت

في قديم الزمان و سالف العصر و الأوان كان هناك رجل اسمه  زهران  يحب الفسحة على ظهر حصان و في يوم من الأيام قرر زهران أن يمتطي  ظهر حصانه رعوان ، ليقوم بفسحة تجلب له السعادة و الأمان ،مستبشر فرحان ، مستمتع بالمناظر الخلابة الطبيعية  التي يراها في كل مكان .

لاحظ كلبه "ميران" أن الطقس غير  مناسب لهذه الفسحة، و أحس بكونه سيتغير ، فقرر " ميران " أن يتبع " زهران " في  فسحته ، فحتى الحصان "رعوان" هو الآخر أحس أن الجو غير مناسب وسينقلب .

وضع زهران السرج على ظهر ا لحصان  رعوان عدة مرات ، و كان رعوان يتحرك كثيرا على غير عادته ، فغضب زهران منه و سأله و هو حيران : ما بك تتنصل و كأنك لا تريد الذهاب للفسحة يا رعوان ؟ ألا ترى أن الطقس جميل   و مناسب للفسحة

فعلا ،كان الطقس في البداية جميلا جدا ولا يمكن لأحد التنبأ  بما سيحدث من تغيير،  لكن زهران أصر على  الذهاب  لهذه الفسحة  و امتطى ظهر حصانه  و اخذ الطريق و تبعهما الكلب ميران دون علم سيده زهران ، وبعد ان قطعوا مسافة أميال و أميال ، ظهرت فجأة  في السماء غيوما سوداء مخيفة  ، فأحس الحصان بالخطر .

كان الطريق طويلا  و ملتويا و فيه مسالك وعرة  ، ولم يعد زهران يعرف أين هو  ، بل  لم يعد يتحكم حتى  في حصانه الذي ازداد ذعرا  ، وسرعان ما تغير وجه السماء فأرعدت ، وأبرقت ، ونزل المطرمنهمرا  بشدة ، فضاع الحصان رعوان  و ضاع  زهران في الغابة الجبلية و بقي الكلب ميران يبحث عنهما .

زهران تائه  في الغابة ، و قد انتابه القلق و أخذ  يسأل نفسه  : أين أنا ياترى ؟

وماذا سيكون مصيري في هذه الليلة و أنا تائه حيران، في هذه الغابة الجبلية المخيفة ؟

وقتها فهم لماذا  تملص الحصان من الذهاب ، و ندم عن خروجه لهذه الفسحة و كان  يريد العودة ، لكن لم يعد يعرف الطريق فصمم على  أن يكون بطلا  و أن لا يستسلم  للهزيمة ، فصعد بمشقة إلى جبل في الغابة ، واحتمى بنفسه تحت صخرة من كثرة المطر المنهمر، وقتها أحس بأنه في مأزق قد يصعب الخروج منه . و بقي يفكر في  حصانه الذي تركه تائها في الغابة الجبلية  يواجه مصيره بنفسه  و لا يدري أين  ذهب و لم يعد يفكر إلا في نفسه ، خاصة و أنه رغم وحشة المكان و ظلمته و رغم البرق و الرعد فقد هيأ نفسه لمواجهة أي مخاطر قد تنتظره . فبدأت أعصابه تتوتر عندما سمع  زفير الرياح القوية و صوت الرعد  المخيف و أصوات الذئاب و هي تعوي.

و بينما هو كذلك ، إذ بذئب متوحش  يريد الاقتراب منه ، ففكر في تغيير المكان  ليتخلص من هذا اللعين الذي يريد افتراسه و اخذ بيديه حزمة من القش و الحطب اليابس  و أوقد  فيه نارا جعلت الذئب يفر كالجبان و فجأة قفز زهران إلى أعلى الجبل و ظل يراقب المكان وماهي إلا لحظات حتى رأى من بعيد كلبه الأمين ميران في حالة رثة  يجري ومعه الحصان رعوان الذي أنهكه التعب .

 تقدم الكلب  ميران  لصديقه زهران  الذي ظل يبحث عنه و قال له :  لقد جئتك برعوان ، وجدته تائها في المسالك الوعرة و انقذته من شرذمة  الذئاب الذين كانوا بصدد مهاجمنه  

قال زهران : و لكن كيف وصلت إلى هنا يا ميران يا كلبي الوفي  ؟ 

قال الكلب : لقد عرفت أن  الطقس سيتغير  بحكم حاسة الشم القوية  فاتبعت الحصان رعوان  و أنت فوق ظهره

رد عليه زهران : حقا انك كلب وفي  و ذكي ، فلولاك لبقيت في هذا الجبل ابحث عن   حصاني و قد أجده ميتا  بعد أن تمزقه الذئاب و  تأكله . فألف شكر  يا ميران ، انك تعرف أنني لا يمكن لي العودة بدون حصاني  الذي عانى بسببي . و أن سلامتنا  تعود بفضلك أنت يا ميران   

صعد زهران على ظهر حصانه رعوان مرة أخرى، وعاد من حيث أتى و الكلب يدلهم على طريق العودة بعد فسحة كانت شاقة و غير مريحة،  محفوفة بالمخاطر .

و هكذا يا صغار تنتهي القصة التي فيها عبر وهي تبين لكم أن الكلب  ميران كان وفيا لصاحبه زهران و لحصانه رعوان مع أجمل تحيات كاتب القصة رضا سالم الصامت

الراوي : أبـو أسـامــة