القطار
حسين راتب أبو نبعة
جامعة الملك عبد العزيز
كلية المعلمين بمحافظة جدة
عندما دلف أحدهم إلى مكتب الموظف الذي يتابع الجوازات و التأشيرات في إحدى الشركات الكبيرة لم يتوقع أن تأخذ المسألة سوى دقائق و يستلم جواز سفره للاستمتاع بالإجازة. دخل و هو يتأبط ذراع جريدته المفضلة التي يتابعها يومياً بصفتها نافذة للإطلالة على العالم. كان هناك عدد من المراجعين فأخذ مكاناً قصياً في المكتب حتى يفرغ المسؤل من معاملات المراجعين.
"لا بأس من لحظات انتظار أملؤها بالاستغفار و قراءة عناوين الأخبار ، و ما هي إلا عشر دقائق حتى تردد لمسمعه صوت الموظف المسؤل
تفضل أخي ، هل لك من حاجة ألبيها أو معاملة أمهرها بتوقيعي؟
نعم ، و تقدم بهدوء و صافحه و قال : جواز سفري
ما به ؟
الإجازة على الأبواب و التأشيرة الالكترونية معي والتذكرة كذلك و لم يبق إلا استلام الجواز.
ثمة إجراءات . و الأمر ليس بهذه السهولة!
الإجازة قصيرة و زميلي بفرع شركتكم في المنطقة المجاورة استلم جوازه في ثوان معدودة.
لكل شيخ طريقة!
تراجع للخلف و استرخى على أريكة مجاورة و ملأ نوبة غضبه بموجة جديدة من الاستغفار ثم شرع بتصفح جريدته من جديد و بدا كأنه مشدود بأخبارها.
ما بك التزمت الصمت ؟ ما الذي جعلك متردداً في متابعة موضوع سفرك ؟
يقول الخبر "كوريا الجنوبية تخترع القطار الطلقة "
ما علاقة ذلك بجواز سفرك؟ غير أنه تظاهر بأنه لم يسمع شيئاً و تابع القراءة من جديد.
"الصين تخترع تلفزيون بأبعاد ثلاثية " .
و ما علاقتنا بالصين و كوريا ؟ تساءل بتثاؤب
هنا خبر له علاقة بنا نحن العرب ، لا تتعجل.
" لبنان يعد اكبر صحن حمص في العالم ! "
هل ما زلت بحاجة لجواز سفرك ؟ لا...شكراً ، لقد ألغيت السفر فالإجازة أقصر من تعقيدات إجراءاتكم. ثمة سوء فهم يا أخي ...أنا لم أقصد تعقيد الأمور و لكنها التعليمات.....و في الدقائق التالية كان هناك رجل مهموم يتأبط جريدة و يمشي الهوينى بجانب أحد الأسوار العالية.