ما لا ننتبه إليه على عتبات الأبواب
مامند محمد قادر
كطائر غريب يزور أرضاً خلال هجرته السنوية لم يشاهده أهلها من قبل , و لم يعرف احد من اين جاء و مَن اتى به بالضبط , كثرت عنه الأحاديث و التفسيرات , نظمت له برامجاً تلفزيونية عديدة , و تناولتها الصحافة بنهم و عرضت ظلاله الوهمية في اعلى الصفحات , لكنه بقي لغزاً , قيل انه كالحرباء , يغير ألوانه بين فترة و اخرى , و قيل ايضاً انه كعجينة , بالأمكان ان يُصنع منه ما يشاءه الانسان , اخذ الموضوع يحفر غموضه في مخيلة الصغار و الكبار , , شغل بال المارة في الشوارع , و الجالسون في المقاهي و في الباصات و خلف طاولات الدوائر الحكومية , قيل ايضاً بأنّ كل من يحط فوق رأسه ذلك الطائر المشئوم يُحل عليه غضب , اخذ البعض يقلب صفحات المعاجم و كتب المراجع الدينية و موسوعات سياسية لعله يفك رموز السر و يجد شيئاَ قد ينطبق عليه , خاف الجميع , صدّ الجميع لذلك المجهول – لذلك السراب , أقفل الكل ابواب منازلهم بوجهه , تزودت الأزقة و الشوارع و الابراج بالكاميرات , و بنيت جدران عالية حول المدن لئلا يتسرب او ينزحف ذلك الشيء اللاموصوف الى داخل الأحياء , اصبح الناس يعيش في اقفاص الشكوك في نفسه , يشعر و كمن يصاب بالفصام بأمور من صنع تخيلاته , و يحلم باصوات و هيئات غير مميزة في المنام , شرع يتفقد المرء و في كل لحظة حركاته و سكناته اليومية , و يتفحص وجهه و بدقة خوفاً من ان يصيبه ذلك الداء , ولكن لم ينتبه احد الى انّ الجوع و التشرد قد يكونان أنفاقاً لتكاثر ذلك المفهوم / الارهاب .