كوابيس وأقنعة
حسين راتب أبو نبعة
لم أكن أدرك معنى الكوابيس التي هي أقرب من الجحيم من قبل حتى انطوت صفحة النهار عند أعتاب عتمة الليل .بدأت الحكاية عندما أزفت تلك الليلة الليلاء...آويت إلى الفراش أبحث عن دفء أو حلم جميل. بعد منتصف الليل بقليل حسب تقديري ، أصابتني حالة من التعرق و شعرت بصعوبة في التنفس وصلت إلى حدود الاختناق . شعرت بأنني مقيد اليدين دامع العينين ،صرخت فلم يتعد الصدى حدود غرفتي و لم يتجاوز حنجرتي...كان الوضع بمثابة احتضار دون شهود. في نهاية احتضاري انزلقت عن السرير نتيجة حركات لا إرادية و بدأت أتحسس طريقي باحثاً عن مخرج فانتهى بي المطاف إلى مسافة قريبة من الباب ، فرحت قليلاً فقد تراءى لي أن كوة فرج قد انفتحت على مصراعها...تابعت مسيري و ترنحي و تمكنت من الإمساك بمقبض الباب.استجمعت قواي و خرجت ببطء نحو الشارع. لبست قناعاً و مشيت محاولاً استرجاع طاقتي التي أرقتها ليلتي ، كنت عاجزاً عن الوقوف بثبات ، نظر إلي بعض المارة ، كانت الساعة متأخرة ، شعر بعضهم بالخوف فأسرع الخطى عند رؤيته قناعي و أشاح آخرون وجوههم لسبب ما لم أدركه.
كانت الصورة ضبابية و لم أكن أمسك بخيوط ما يجري ، إذ كنت كسفينة فقد قبطانها بوصلة الاتجاهات. فاجأني الشارع بمشاهد كثيرة ، فقد كان يعج بعشرات من الناس و هم يخفون وجوههم خلف قبعاتهم و ظهر آخرون و هم يرتدون ألبسة كرنفالية. كان الجو مشحوناً و كانت الأقنعة متعددة الأشكال و الألوان فبدأت أبحث عن نفسي بين المقنعين .كنت كالذي يبحث عن ضالته وسط قبائل الأنكا أو الأزتك وهم يمارسون لعبة قذف الرؤوس البشرية !. بعد أن تمعنت في احدهم عرفت مما انكشف خلف القناع انه احد الجيران فاقتربت منه و حاولت مصافحته لكنه أشاح وجهه و أقسم انه لا يعرفني ! ناديته باسمه فلم يحرك فيه نخوة و ازداد غرابة ثم انتقل إلى زقاق مجاور يبعده عن المواجهة. حاولت أن أتعرف على آخرين فشعرت أنني أتحدث مع أشباح بلا أرواح ! تستمرئ في عزلتها و تمارس طقوسها و تضفي عليها هالة من التبجيل . بعد أن أخفقت قررت العودة إلى كابوسي الذي أرقني لعلني أجد سلوى عجزت عن العثور عليها بين المقنعين.
مدرس لغة – كلية التربية – جامعة الملك عبدالعزيز