قصص قصيرة

قصص قصيرة

عبد الله لالي

بسكرة الجزائر

[email protected]

01

الكرسي والدّبابة..!

قال للنّجار :

أريدك أن تثبّت أقدامه في الأرض فلا يهتز ، ولا يختلّ توازنه، وأريد أن تجعل له مساند تعضد يديّ حين الجلوس عليه..كما أريدك أن تصفحه من الخلف اتقاء لغدر الأصدقاء ، وإن أمكن أن تجعله يتنقل بي حيثما أريد فذلك هو المراد.. !

قال النجار:

-  يلزمك دبّابة يا سيّديّ.. !!

* * *

02

وقاية.. !

لبس درعه ووضع خوذته على رأسه ...ثمّ خرج ليلقى النّاس على وجل..

كانت المدينة تهدر هدرا.. !

 12 / 06 / 2011 م

03

وجل .. !!

كان ملقى على المكتب قرب أكداس من الورق ..من أبيض ناصع ومسوّد فيه جراحات وكلوم..

تقدّم نحوه خطوة ثم رجع القهقرى..حدّثته نفسه أن يهجم عليه بغير رويّة، ويفرغ كلّ ما في جوفه من مداد دفعة واحدة..

مدّ يده ، فسرت رجفة في كامل أوصاله ..

قال:

-  ما أهون حمل السنان.. !!

* * *

04

تعارف.. !

عندما رآني أشرق وجهه بالابتسام..وكذلك فعلت أنا بالعدوى، وكأنّي أنظر في مرآة ..

قلت :

-  تعرفني ..؟ !

قال:

-  وكيف لا ! يا ابن أمّي وأبي .. !

* * *

05

عمه.. !

أطفأ شمعته وأخذ منّي القنديل ، وقال:

-  اتبعني..

هرولت وراءه فتهاوت بي الحفر..وأدمت روحي الكلوم..

قال:

-  يا أعمى ألا ترى النّور .. ؟!

عدت أدراجي أستنير بذبالات الماضي في داخلي .. !

* * *

06

مترشح ثالث.. !

كان لابدّ أن يتخذ قرارا حاسما..فالمترشحان المتنافسان لا ينقصهما سوى صوت واحد، لاستكمال قائمة ترشحهما ..

 جاءته الوساطات من كلّ مكان ..وازدحمت الهدايا في صالونه الصّغير..قالت له امرأته:

-  يبدو أنّ لك مقاما عند النّاس !

فرد جناحيه مزهوّا وأعلن أمام لجنة الترشيحات:

-  لم لا يكون هناك مترشح ثالث ..؟

* * *

07

لعب .. !

صرخ في قماطه : واع..واع..

جاءته أمّه ونزعت عنه اللفائف:

-  حبيبي آلمك .. !

ازداد صراخه : واع ..واع.. !

قالت:

-  تريد الحليب ..وهرعت لتحضر رضاعة ملأى..

شرب منها قليلا ، ثمّ استأنف صراخه: واع ..واع.. !

قالت أمّه:

-  فهمت ..الحفاظ ..؟ سأغيّره..

سكت قليلا ..ثمّ واصل سفمونيته: واع..واع.. !

وضعت يدها على جبينه تتحسّسه، قالت: لا بأس عليك ما بك ؟ لم تبكي..؟

رفع صوته أكثر: واع..واع.. !

جاء أخوه من المدرسة رمى بالمحفظة فوق المقعد ، وانكبّ عليه يقبله:

-  ( خوي ) تريد أن نلعب معا ..؟ هيّا ..

افترّ ثغره عن ابتسامة عريضة وبدأ يناغي.. !

13 / 06 / 2011 م

08

جدل.. !

ترنّح رأسه من طول الجدال..وقف منتفضا وهو يرغي:

-  أنتم لا تفهمون.. الحقائق بيّنة أمام أعينكم وعنها تعمهون ..

صفّت المائدة تفوح بالأطايب ، قال أحد الحاضرين:

-  دعك..وكل ..

تغيّرت سحنته فجأة وعلاها الإشراق ..ثمّ جلس متربّعا..

* * *

09

عسل وسكر.. !

دخل السوق مستعجلا ..كان الصخب سيّد المكان ، شعر بدوّار يلف رأسه ..استام بعض الخضر والفواكه ..طلب أن يوزن له منها..

أمسك البائع بصفحة جريدة وجعل يلفها على الفاكهة...

استرق النظر إلى المكتوب ..رأى صورته وجزءا من إحدى قصصه..اشتدّ الصخب في أذنيه..لفّ الدّوار رأسه بشكل أعنف ..

صرخ البائع بأعلى صوته:

- أحلى من العسل يا سكر .. !

* * *

10

مطر حامضي.. !

اخترطت لسانها منجلا يحصد الأخضر واليابس ..هدرت مثل طاحونة لا تشبع..

سحب أنفاسا عميقة إلى تجوايف صدره ، ثمّ خرج ليغتسل - في السّاقية القريبة - من أوضار ما انهمر عليه.. !

* * *

11

يقظة قلم.. !

كنت أقرأ بصوت عال ؛ فاستيقظ القلم ..وبدأ يرسم الدنيا بلون جديد .. !

* * *

12

كناسة.. !

كان شبه أمّي ..يخاطب النّاس بلهجة الأدغال، أراد أن يضع قدميه على التاريخ ؛ ليحتوي ممالك الأرض ومن فيها..

في ليلة صاخبة جرفه التيّار وألقى به في مزبلة التّــ...

* * *

13

تجذر.. !

بات الليل بكامله يقلّب الفكرة في رأسه..

" إنّه الجنون حقا..أيغادر هكذا فجأة ويترك وراءه الماضي والحاضر..أيغرس بذوره في أرض جديدة لم يمحّص تربتها ولا عرك أهلها..

تقطعت نفسه حسرات..

في الصباح أنشب أظفاره في أرضه..ومدّ جذوره عميقا..كانت العروس التي اختارتها له أمّه أكثر من رائعة.. !

14

مراودة.. !

تربّع في محراب قلبه يذكر..جاءته تتغنّج في دلال وهي تشير إلى الشجرة.. !

قال وقد غض طرفه:

تريدين أن نهبط منها جميعا..؟!

قالت:هو قالها قبلي..

وأشارت إلى الشيـ.. !