أنا من يعتذر

مصطفى علوي *

لما شاء الله أن يتعلق قلبي بها ومنعني الحياء من أن أصارحها بكل شيء جملة وتفصيلا، وخشيت أن أصارحها فأفقدها وأحكم على  قلبي بالألم، فكرت في أن أثير انتباهها بطريقة نظيفة تليق بقيمة مشاعري ونبل غايتي من حبها، فاهتديت إلى كتابة قصة حب ضمنتها كل ما عجزت على أن أبوح به صراحة، واخترت لقصتي بطلا جعلته ينوب عني في شرح ما ضمه قلبي من مشاعر إنسانية نبيلة.

طبعت قصتي بعد أن اخترت لها أجود أنواع الورق؛ وساعدني أحد الأصدقاء – جزاه الله خيرا- على اختيار أجمل الألوان، وضعت وردة حمراء بين صفحات قصتي؛ وتشجعت بعد تردد؛ ودفعت بالقصة أسفل باب التي أحبها قلبي.

***

عدت إلى بيتي على أمل أن تصلها رسالتي؛ فتقدر نبل مشاعري؛ وينال قلبها نفس ما نال قلبي، ولسان حالي يقول: وهل يقابل الحب بغير الحب؟ توالت الأيام، لم يصلني جواب رغم أنني داومت المرور غير بعيد من بيتها طمعا في أن تراني وتبادل التحية بمثلها.

نفذ صبري فاخترت هاته المرة أن أكون وقحا، قررت أن أطرق بابها وأسألها ردها، فلا شك أن بطل قصتي فشل في مهمته؛ ولربما وقعت في حبه هو بدل أن تحبني أنا وأنا من نصبه بطلا.

***

طرقت بابها؛ وبمجرد ما انفتح وظهرت من أحبها قلبي حتى انفجرت غاضبا: ألم تصلك قصتي؟ ألا تحسنين القراءة؟ هل أحتاج إلى طريقة أخرى كي أفهمك أنني أحبك؟

كانت نظرتها شاردة، ورغم جمال عينيه، إلا أنني لم أحس فيهما الحياة، ترقرقت دمعة من إحدى عينيها، تلتها دمعة ودمعة، وامتدت يدها لتمسح الدموع المنهمرة وهي تقول:

ليتني كنت أستطيع أن أبصر فأقرأ قصتك سيدي!

أنا أسفة!

                

*  كاتب وأديب من المغرب نشرت لي 21 قصة قصيرة على موقع القصة العربية لمؤسسه الأستاذ جبير المليحان