فداء
الإهداء : إليها بطبيعة الحال
محمود أحمد الشمايله
سأعترف لك يا حبيبتي بكل شيء ، أعدك بأنك لن تحتاجي حتى لطرح الأسئلة البلهاء ،وسأخلع أمامك معطف الغموض وأعري نفسي من كل انكساراتي وخيباتي وحتى انتصاراتي الذكورية.
قبلك ، كنت رجل عاطلا عن الأمل ، هكذا ولأسباب غامضة وجدت نفسي اخلع حواسي الخمسة ، أو ربما هي أرادت أن تخلعني ولا ادري أيهما أراد أن ينكر الآخر ، أصبح إحساسي بالأشياء باهتا لا طعم له ولا رائحة .
كان يوما رتيبا آخر من أيام حزني السرمدي ، لم يكن فيه ما يستحق الانشغال سوى تلك اللحظة التي وقفت فيها أمامي ، كما لو أنني أقف أمام سكة حديد اخترقها قطار توا دون أن يتوقف ، سريعة هي لحظات الانبهار و الاندهاش أليس كذلك يا حبيبتي
بعدها كان إحساسي بك كطفل يصدق في كل شيء ولا نصدقة بشيء ، ثمة شيء في داخلي بدأ يتغير تدريجيا ، وبدأت أتصالح مع حواسي الخمسة ، حتى بدت الحياة أجمل بما هي عليه .
ذات وجع ،ومن نافذة عتيقة ،كنت أرقب الشمس وهي تعانق الأفق الغربي ، كم أحببت الغروب على أطلالك ولو بلمحة في الذاكرة ، في تلك اللحظة كان هاتفي النقال يدق أجراس الفرح بإصرار عنيد ،قلبي كان يرقص على نغمة قد اخترتها بنفسي .
الوووو .
الووووو مرحبا .
جاء صوتك دافئ رقراقا ينساب في أذني كخرير ماء زلال ، تحدثنا بأشياء مختلفة كان أهمها موعد ولو بعد عدة أيام .
كنا على موعد اختاره الحب لنا ، على طاولة مستديرة كنا قد تقابلنا بصمت مفتعل،وكل منا يحاول أن يستكشف الآخر بعد غياب دام لسنين ، وأنا أذكرك طفلة تحبو عند قدمي ، قبلة طبعتها على وجنتي طفلة يوما ما كانت أنتي ، كيف كبرت على غفلة مني وأصبحت بكل تلك الفتنة يا حبيبيتي.
كم تمنيت أن تخلعي نظاراتك السوداء كي استطيع قراءة نفسي في عينيك،
قهوة بدون سكر ، قررنا أن نحتسي معا ، تساءلت ألا تكفيني مرارة الأيام بدونك.
كنت تدقين بأصابعك على الطاولة إيقاعا يبدو منتظما ، وأنا كنت أدق طبول الاشتياق واللوعة ، قررت أن اخلع نظارتك السوداء عن عينيك عنوة .
عيناك سحر الشرق فيهما تجلى ، نخلة عراقية كنت ، ارتوت بماء دجلة وفرح لها الفرات . عجبت لنخلة تحيض.وسحر الشرق يذوب في عينيك.
ليتك أكبر بخمس ، وليتني أصغر بخمس ،ليتني بسمة على شفتيك ، أو دمعة في عينيك فلا تبكيني
ليتك اكبر بخمس ، وليتني أصغر بخمس ، لزرعنا حدائق العمر زهورا وكتبت أسمك على أقبية الهواء فرحا فداء .
سأعترف لك يا حبيبتي ، أني أحبك لأنك من تجعلي الحياة أجمل وأبهى وأروع
إني ألف ألف أحبك فلا تفزعي أن كنت أنت الدواء.
يا فـــــــــــــــــــداء.