في حضرة الفرعون

عبد الرحيم صادقي

[email protected]

صرخ الشبان: يا زين، يا زين!

قال: مجيبا قصدتم.

قالوا: أضْنَتنا البطالة.

قال: خيرا تَلْقَون.

قالوا: فمتى؟

قال: صبراً تُفرَج.

قال العمال: يا زين، يا زين!

قال: أهلاً حللتم.

قالوا: نشكو شضف العيش.

قال: سيحسُن حالكم.

قالوا: فأنَّى ذاك؟

قال: خُلِق الإنسان عجولا.

نادى الأحرار: يا زين، يا زين!

قال: كريما سألتم.

قالوا: نريد الكرامة.

قال: أُجيبَ سؤالُكم.

قالوا: فمتى؟

قال: عن قريب تُسَرُّون.

نادى المثقفون: يا زين، يا زين!

قال: حكيما دعَوتم.

قالوا: نبتغي الحرية.

قال: أحرار أعِزَّة.

قالوا: فما الأجَل؟

قال: فاز الأنِيُّ.

قال البُسطاء: يا زين، يا زين!

قال: سميعٌ مجيب.

قالوا: أشقانا كتمُ النَّفَس.

قال آخرون: أعيانا المُخبِرون.

قال غيرهم: مَلَلنا الذلة.

تتابع الصراخ: كثرت العيون، مللنا السكون، طال الركون، طفح المُجون...

تعالى الهتاف، وحمِي الوطيس. تَفقَّد زين مِنْساتَه، ضرب بها الجموع فانكسرت.

قال زين: مطالبُكم مُجابة. ولقد أفسدَتنا البطانة.

قالوا: طال الانتظار. فأطْلِق الأحرار!

قال: أنتم المُصطفون الأخيار. قد عفونا عن المسيء، وأَقَلْنا الظالم.

قالوا: فأنت الظالم والمسيء.

قال: وما بُغيتكم؟

قالوا: أيسر خطب، اغرُبْ عنا!

قال: خادمُكم أنا، سأقيمُ العدل.

قالوا: سبق السيفُ العذل.

قال: ارحموا عزيز قومٍ ذل!

قالوا: فأين كان العدل آنفا؟

قال: لا يُقطف الثمر قبل النضج.

قالوا: أفأنضَجَتْنا العصا؟

قال: لا بد مما ليس منه بد.

هتف الجميع: لَنحن العبيد إن بقيت. إنما تُنال المطالب غِلابا.

واستمر الصراخ.