دعني أُقشِّر لك التفاحة
دعني أُقشِّر لك التفاحة
إحسان الفقيه
دعني أُقشِّر لك التُّفاحة.. أما قلتَ بأنك مثلي لا تُحبُّ القشور..؟
دعني أُزيل عن ضحكتي مساحيق الفرح ولا تُخبر أحدا عن حقيقة آلامي وبراعتي بالتمثيل وإجادة دور الفراشات وبحثي عن ناري ونيروني معا وتقمُص دور العاشقة المسرورة جدا بأوقات التجلِّي..
لا تُجرِّدني من قميص حزني هذه الليلة ولا تُطالبني بما بعد العناق فهناك بؤس بحجم الشماتة يتمدد مابين اشتهائك وانكساري..
فدع فتافيت خُبزك للصباح او لقِّمها لحافّة السور حيث مُلتقى العصافير هناك تتلو نشيد السماء وتُطلق تحيّتها للحياة..
****
ماجدوى أن يكون لي قدمين ولا أقوى على الركض بأحلامي بعيدا كي أُخفيها وأداريها عن أنانّيتك - حتى أحلامي تريدها على مقاسك وحدك - اعذرني يا رفيقي فليس للشمس أن تتبرّأ من قمحها صباحا ولو بلّل المطر سنابلها ولوّنها البرد بألوان الغياب.. لستُ أُحبُّ العبودية كما تعلم ولكنك سيد الجميع عندي.. أوّلهم... وآخرهم وعظامك تعرف هذا لكنك آدميٌّ لا تشبع ولا تستكفي وتريد مني المزيد..والمزيد .. والمزيد..
***
كنتَ عادلا جدا في تقسيم البرد على بيوت الفقراء هذا الموسم.. وكُنتَ على صواب حين أدرت ظهرك وركبت طائرتك واستدفأت في بلاد بعيدة..
أعرف أنهم قد أقنعوك بأنك كثيرٌ علينا وبأن مرورك بمضاربنا يكفينا بل ويُغنينا عن مواقد الدفء وأواني الطبخ التي تجلد قيعانها اللامعة على الرفوف قرقعة بطون تشتهي اللحم وتكتفي بفُتات الخبز المُغمّس بالحسرات..
أقنعوك بأنّ تفقُّدك لأحوالنا أمر لا يليق بهيبتك ولا يتناسب وبروتوكولات قصرك و حذّروك من أننا غير مؤتمنين على حياتك..
وأقنعوك كذلك بأن ليس بيدك حيلة وأن هذه مواردنا وتلك مُقدّراتنا وأننا نعيش على المعونة وأن شعبك يُحبُّك ولو مسّه الجوع ولو قضمه وحش البرد وهشّمته أنياب المرض والعوز و خلاء رؤوس الوسائد من مدّخرات أُمّهاتنا من أُعطيات العيد ..
كؤوس قصرك كُلّها لن تُسكرك ولن تُنسيك "بردنا" ياسيدي.. ولن تُقنعك
بأنهم لا يكذبون، لا يزوّرون، لا يتآمرون علينا وعليك ولا يحتالون باسمك وباسم الوطن وباسم ترتيب البيت وشدّ الأحزمة.....
ابتسم في نشرة الأخبار ياسيدي كما شئت وردّد ما لقّنه إياك مستشارك اللُّغوي من كلمات كانت تٌصيب أرواحنا بحروف تدرّجت من الوفاء الى التخجيل فالتخويف فالتهويش فالتجاهُل التام..
ابتسم .. ما عُدتَّ وسيما ولن تكون جميلا بعد الآن وما عادت ملامحك الملوّنة بالزيف تُعجبنا، تقنعنا او تُشجينا..عد الى بلاد الدفء فلا زال البرد في أوّله ولا زال بنو قومي على حالهم يستدفؤون الله يستغفرون يستغيثون ويتوسّلون رحمة من عنده وما الله بظلاّم للعبيد..