ستار الصمت

عبد القادر كعبان

[email protected]

إني أقف على عتبة باب الاربعين. لست دميمة في نظر الغير بل جميلة، لكن فشلت كل محاولاتي للحصول على فارس أحلامي. كل صباح أتحسس وجهي الحزين. على وجنتيه أخدت تبرز خيوط دقيقة جدا. صارت كلمة عانس ترعبني.

عملي باحدى الادارات كان ملاذي الوحيد لنسيان تجاربي العاطفية الفاشلة. فوجئت يوما بشاب وسيم اختصاصه جعله يترأس قسمي. كان جالسا على مكتب يقابل مكتبي تماما. نظراته خجولة مترددة تفتقد الجرأة التي ميزت من عرفتهم سابقا. كان يظل صامتا كحجر أصم. اعتدت على وجوده. كلامنا كان محصورا في العمل، لكن من حين لآخر كانت ترسم على وجهه ابتسامة طفل بريء.

فوجئت يوما بسؤاله الذي نفذ الى مشاعري المدفونة:

-هل تفهمين معنى الحب؟

-ماذا قلت؟ ، أجبته متغابية.

-قصدت بسؤالي ما رأيك في الحب؟

لم أجب واكتفيت بابتسامة بارقة. و رحت انتظر جوابه و كأن هناك جوابا سيأتي.

-أتعلمين أن الحب لعبة يصعب اتقانها. يظن الجميع أن سره يكمن في الجمال.  قد يكون العكس. ثم خرج من المكتب يبتسم كعادته صامتا.

تساءلت عن صنف هذا الرجل بيني و بين نفسي:

-هل هو غير صنف الرجال الذين التقيتهم يوما و بادروني بالكلام المعسول من أول نظرة؟.. هل تراه هو من كنت أبحث عنه؟.. ماذا تراه يخفي خلف ستار صمته؟..

دعاني يوما فخرجنا سويا. احسست بنبض الحياة لأول مرة. يبتسم كعادته و لا يتكلم. تذكرت كلام أمي عن صنف الرجال الذي يرى الأنثى مجرد فريسة سهلة لنيل مراده. قلت أيمكن أن يخفي هذا الوجه ملامح ذئب آدمي؟.. التفت إلي و أمسك بيدي:

-أرغب في أن تشاركيني ״لعبة الحياة״.

اجبته دون تردد:

-أجل أقبل بك زوجا.

ضمني بقوة، حينها أحسست كأنني أولد من جديد.