حور العين

يوسف هداي الشمري

[email protected] 

ها قد أصبحت الأحلام حقيقة .  وها قد حباك الله ما تمنيته طويلا .  وها قد ربطت الحزام الناسف على بطنك وظهرك . آه . . . . كم تمنيت هذه اللحظة . أيام وليال وأنا أترجاهم  أن يمنحوني فرصة الشهادة ، لكنهم يرفضون . أما اليوم فقد وقع الاختيار علي .

نظر إلى السماء وشهق . ثم قال بحرقة :

_ أحمدك يا الله أن عوضت صبري خيرا .

تذكر الحور العين . منى النفس بواحدة . . . . واحدة لا أكثر.  تحمل من الجمال ما لم تحمله إنسية قط  .

كيف تريدها يا ولد ؟ .  أريدها شقراء فرعاء . تشبه . . . تشبه . . . آه .  لقد نسيت ، فالحور العين لا يشبهن بنات حواء . بل إن أشكالهن مختلفة تماما . 

ولكنى أريدها مثل باقي النساء .  فائقة الجمال أي نعم . ولكنها مثلنا بني البشر. هل الحور العين أنس أم جن ؟ . عن قريب سوف اعرف . دقائق وأكون بين أحضانها . أريدها عربية الخلقة نجدية الشكل . ضحك في سره من هذه الأفكار .  كيف تكون الحور العين نجدية ؟ .  إذن سوف تكون شبيهة بابنة عمى حصة . . . حصة . كلا . . حصة ليست ذات جمال .

آه . . . حبذا لو أنها  تشبه نيكول ، صديقتي الأمريكية في جامعة نيو جيرسى . ألا لعنة  الله عليها وعلى أمريكا . لعلها كانت السبب في هدايتي . أول ما ارتكبت معها الفاحشة ، كنت في أولى سني دراستي .  بعدها بكيت كثيرا .  وندمت على فعلتي معها . ثم تبت  إلى الله توبة نصوحا .  بيد أنى في اليوم التالي . .  وجدتني بين أحضانها ، وفى نفس الغرفة التي كانت بها توبتي ! .

وهكذا ترت أيامي ، بل مأساتي في أمريكا . زنا تتبعه توبة ، ثم زنا تتبعه توبة أيضا .  حتى جاء اليوم الذي تركت فيه أمريكا والجامعة والمستقبل . تركت كل ذلك هربا من الفتنة . وبالذات من نيكول .

أنا الآن سائر في طريقي نحو الجنة .  حيث أنهار من اللبن المصفى والعسل المحلى والحور الحسان التي لم يمسسها انس ولا جان .

وبينا كان يهيم في خيالاته تلك .  ألفى نفسه فجأة وسط السوق ، بين جموع من الكتل البشرية . تحيط به من كل جانب . همهم في سره :

_ الآن . .  وصلت  بغيتي  .

أخرج يده من جيبه . تحسس الزر بين أصابعه .  ضغطة واحدة وينتهي كل شيء .

وقبل أن يفعل . قال بصوت خفيض :

 _أشهد ألا اله إلا ......

من ؟ .   أخي الصغير خالد ؟ .  سبحان الله . الخالق الناطق . لا . .  لن أكون سببا في موت طفل يشبه خالد .  سأغير مكاني . ترك الفتى مبتعدا عنه ،  لينزوي  بركن قصي من السوق .  حيث تكثر النسوة مع أطفالهن .  ما لهذا الطفل يحدق ويبتسم .  قوس شفتيه . أشاح بوجهه عنه . تأكد من كثرة المحيطين به . أغمض عينيه .  ثم ضغط على الزر. . . . .