لن أنشره
إيمان شراب
[email protected]
صديقتي التي تعمل محررة لدى إحدى المجلات ، اتصلت بي تريد أن تزورني لإجراء حوار
مع امرأة عاملة وأم وزوجة " يعني ثلاثة أو أكثر في واحد ".
سألتني : هل أنت راضية عن عملك ؟
قلت : وهل يحق لي أن أرضى أو لا أرضى ؟
قالت : تجيبينني بسؤال ؟
قلت : أهرب من الإجابة .
قالت : ما عرفتك جبانة !
قلت : ومن يستطيع أن يكون شجاعا في زمن يخشى المرء أن يهمس حتى فيه حتى لعقله ،
لولا اليقين بأنه لا يعرف ما تخفي الصدور إلا الله العظيم ، لخشينا حتى مما تخفي
صدورنا .
قالت : يبدو أن هذا العقل يخفي أشياء خطيرة .
قلت : بل قولي كل الأمور أصبحت محظورة .
قالت : أعود للسؤال ، هل أنت راضية عن عملك ؟
قلت : ما أصعب أن تعيشي وسط ناس بل أهداف .
قالت : هل تقصدين أن الناس الذين تعملين معهم لا أهداف لهم ؟
قلت : ومن قال ؟
قالت : حيرتني ! أنت من قال أو لمح .
قلت : هدفهم الربح والتجارة فقط ، حتى ولو كانوا مؤسسة تربوية تعليمية !!
قالت : يمكن للإنسان أن يغير .
ابتسمت ساخرة وقلت : ماذا تغيرين ومن تغيرين وكم تغيرين ؟ المدراء ، أم الموظفات ،
أم الطالبات ، أم أولياء الأمور ؟؟
قالت : ابدئي بمن حولك .
قلت : صحيح كلامك ، ولكن القسوة تأتي من عدم فهم أحد ماذا تقولين ، وكأنك تتحدثين
الصينية ، أو كأنك قادمة من كوكب لم يكتشف بعد . فتبدين للجميع أنك الشاذة الغريبة
.
قالت : هذه مبالغة ، سببها حساسيتك العالية ، أو ربما لا تحسنين الأسلوب .
قلت : وهل عهدك بي أنني لا أحسن أسلوبا ؟
قالت : حسنا لنغير الموضوع وننتقل إلى حياتك الزوجية .
قلت : ألا ترين أن الحياة الزوجية سر ليس للنشر ؟
قالت : اسمعي ، هذه المرة أنا من يسأل .
سكـتّ أنتظر السؤال ، فسألت : لن أسألك عن حياتك أنت شخصيا ما دامت سرا ، ولكنني
سأستفيد من خبرتك .... فما هي برأيك أسباب الطلاق الكثير؟
قلت : عدم التربية على المسؤولية ، وقيام الخدم والسائقين بالتربية وبكافة الأدوار
، والكـبْر ، وعدم حل المشاكل أولا بأول .
قالت : ولكن جزءا من المشاكل يكون خاصا جدا ، فلا تستطيع النساء الحديث فيها .
قلت : حتى الخاص جدا لا بد أن تقتحم خصوصيته ، وإلا نشأت مشاكل خطيرة تصل إلى
الخيانات والمصائب إن لم تحل .
قالت : والرجال الذين يحبون زوجاتهم ، إنما يحبون على طريقتهم ، والمرأة تريد حبا
على طريقتها .
قلت : أؤيدك في هذا . ولكن هل نصل إلى الطلاق والحب موجود ؟ ببساطة يمكن للمرأة أن
تحصل على اعترافات من زوجها بحبه ، حتى لو طلبت منه بين الحين والآخر بتجديد
اعترافه بحبها .
قالت : بالمناسبة ! لماذا لم تسافري مع زوجك مادامت رحلته قصيرة ؟ والسفر يجدد
الحياة وينشطها .
قلت : مثلي يا صديقتي ليس لها أن تسافر متى ما شاءت .
قالت : لماذا ؟ إجازة قصيرة من العمل ، والأولاد كبروا .
قلت : وجوازي ؟ دائما هو في حاجة إلى تجديد .. تاريخ صلاحيته لا يستمر أكثر من عام
، والموافقة على تجديده تأخذ أربعين يوما كالنفاس .
قالت : لو كان جوازا فلسطينيا ، لربما كان أفضل .
قالت : لكنت سجنت في البلد التي أعيش أبد الدهر . إيه يا صديقتي !! ما أشد المعاناة
عندما تكون فلسطينيا !! في داخل فلسطين وخارجها . لا يحق للفلسطيني أن يحلم حتى ،
والعجيب أنه يحلم أحلاما كبيرة ! صعب أن يتمنى ، ولكن أمنياته تخترق الحواجز
والحدود وجوازات السفر! وتستغربين كيف يستطيع الفلسطيني أن يحصل على القليل أو
الكثير!
قالت : إنه الله الأعظم والأكبر منهم جميعا .
قلت : صدقت .. هل انتهى الحوار ؟
قالت : نعم ولا !
قلت : كيف ؟
قالت : سأعيده ثانية لأطرح أسئلتي وتجيبين عنها كما أريد .
قلت : تحلمين ؟
فقالت : إنه لا يصلح للنشر ، لن أنشره .
قلت : هذا شأنك .
قالت : إذن كان حوارنا تضييع وقت !
قلت : من قال ؟ يكفي أنني تحدثت مع من يفهمني ..