خاطبٌ لا يُرد
عمر صرصور
مصادفة غريبة جدا ً .. ذلك اليوم الذي شعرت فيه حنان بآلام شديدة لم تشعر بها من قبل وقليلاً ماتنتابها حين تغضب أو تحزن
ذهبت برفقة أبيها الحبيب إلى حيث يكشفون عن هوية الألم وفي نفس اليوم عاد الوالد حاملاً معه نتائج الكشف الطبي فنظرت حنان إلى وجهه المشرق بنور الله فقالت : مالخبر ُ أبي ؟؟
فأجابها قائلاً : لاشئ فأنت بخير ولاتشكين من شئ فتبسمت حنان وأسرعت تطبع قبلة بين عينيه كما يحب
ولكن الغريب في الأمر أنه دعاها وقال لك عندي اخبار فهل تعيريني سمعك وقلبك الجميل
فأجابت حنان ... بالطبع أبي تفضل كلي لك أذن تحدث ياحبيبي أسمعك
ولكنها لمحت في عينيه دمعة كادت تسقط يمسكها وتبسم وقال :
سيأتيك خاطب يطلب القرب
ارتبكت حنان ولم تستطع الرد ولاتفوهت بكلمة
ضمها والدها بشدة حتى كاد يقطع أنفاسها
فقالت : أبتاه مابك ... حدثني عنه
اهو طويل أم قصير القامة ؟؟
أبيض أم داكن اللون ؟؟
ممتلئ أم نحيف ؟؟
انهالت عليه بأسئلة تطرحها في شوق ممزوج بخجل
فأجابها : انه وقور ولحضوره هيبة سيأتيك في ميعاده
فقالت حنان: ومتى ميعاده
قال : انها مفاجاة فاتركيها للخالق
فقالت : هل أعجبك أبي
فقال : ليس بيدي حيلة إلا القبول به ولاأستطيع رده
فتبسمت حنان وقالت : إذن فأنا أرتضي به طالما ارتضيته
فقال لها : أكثري من الدعاء والاستخارة
وانطلقت حنان مسرعة الى والدتها لتخبرها فوجدتها تبكي
قالت : مابك أمي هل أخبرك والدي
فقالت والدتها : نعم ياحنان
فقالت حنان : ولم البكاء ؟؟
لاتخشي شيئا فلست عنك براحلة سأبقى دوما بجوارك ... أعدك
فازداد بكاؤها
ضمتها حنان الى صدرها وقبلت رأسها وقالت: ياأما ه إنها سنة الحياة سنة الله في كونه
فأردفت الام قائلة : بلى ياحنان بلى
واخذت حنان تتجول في المنزل يملؤها الحبور تعد لهم الحلوى التي يحبون وتتم جميع أعمالها بكل نشاط وهمة
وينظرون اليها تملأ الأعين دموع ولانزول لها
فادركت حنان كم يحبونها
وذات يوم عاودها ذلك الألم واشتد فقال أبوها : انه فرط سرور ألم أقل لك لاتنفعلي
فتوسدت صدره وأخذ يمسح على رأسها بحنانه ويتلو رقياه عسى يزول الألم
فتوجهت حنان ببصرها اليه وتبسمت
فبكى فقالت : مابك مايبكيك في حضرتي ألست الحبيبة
قال : بلى ولذا بكائي
وقال: ريحانة عمري يبدو أن خاطبك يدق الباب
فقالت : نعم ياأبي يبدو كذلك
فتوقف عن الكلام واخذ يبكي
فتبسمت حنان !!!
قال : ماابتسامك ياابنتي ؟؟
قالت : ياأبتي ألست من عينيك أقرأك ؟؟ واعلم مافي القلب ؟؟
قال : بلى
قالت : ومنذ البداية قرأتهما وانتظرت خاطبي وهاهي علامات مجيئه
أبتي .. اعلم أني احتضر
انهار الوالد في بكاءه وقال بلهفة لا...لا ..لا .. ليس كذلك
فنظرت حنان لعينيه المملوءتان بالدموع وقالت : أبتاه
هون عليك أليس قضاء الله واختاره لي ؟؟
وفي كل لحظة تمر تحاول حنان القرب من والديها وتقبلهما علها تكون قبلة الوداع
وحين شعرت باقتراب الموعد
قالت : أبي سامحني ان أسأت يوما أو قصرت ولكني أحبك حبا ماأحببته لبشر
فأخذ يضمها اليه وكأنه يريد أن يتنفسها لتدخل صدره فيمسك عليها ولكن عبثا يحاول
ونظرت الى امها وقالت : ياأم لاتبكي هو قضاء الله ..ياأم لاتجزعي فإني راحلة لمن هو أحن منكم ومن كل البشر
ياأم .. بكاؤك يمزقني .. ودعيني اخبرك كم احبك ياوعاءا حواني
ياأم .. سامحيني بكل نظرة أو كلمة لم تعجبك تفوهت بها وكرهتها مني
أماه إن اشتقت لي فغرفتي موجودة ومصحفي في محرابي وثوب صلاتي يحمل أنفاسي
أنصتي جيدا ستسمعين تلاوة القران ... أما حسابي فربي رحيم ولاتنسي صغيرتك من دعاءك
أماه ... سيضمني بعدك القبر فأكثري من الدعاء ..
أبتاه .. في قيام ليلك تذكرني تذكر بنيتك التي ماخالفتك يوما
وقالت : أبي لقد جاء الخطاب وطرقوا الباب
سقطت ورقتي وسأودع دنيتي
تجمدت الأطراف وسكن القلب وأغلقت الصحف وجفت الأقلام
وكان آخر الكلام
أشهد أن لاإله الاالله وأن محمدا رسول الله
الثوب أبيض ... والحضور باكون ... ولاشئ سوى ذكر الله
والدعوى في المسجد ... والسكن قبر
وهي وهو ...
والكل مغادر والزاد عمل ....