واختاروا مندوباً آخر
واختاروا مندوباً آخر
في الأحواز...
عادل العابر - الأحواز
هذا القطر العربي المحتل،
سجل بعض الرجال أسماءهم للترشيح في الإنتخابات البرلمانية،
وشطبت حكومة الإحتلال ـــ كعادتها ـــ أسماء العرب القوميين،
والمؤمنين الملتزمين،
والذين لم تستطع أن تتعرف على شخصيتهم، هل هم موالون للنظام أم لا؟
وبقى في قائمة الترشيح إسم مرتضى الطي و يونس المصطفائي وجماعة من الفرس المهاجرين.
وتجدر الإشارة بأن يونس المصطفائي كان نائباً في الدورة السابقة ولم يحقق مطالبات الشعب،
بل لم يره أحد على الإطلاق في الأحواز وكان يتلقى الشكاوي من رؤساء مكاتبه وهو في طهران!
ولهذا ليس لديه الحظ هذه المرة بالفوز.
وبدأت معركة الإنتخابات...
تحزم الشباب القوميون لدعم مرتضى الطي الذي استحوذ على إعجابهم بشعاراته الرنّانة وواعدهم بتحقيق أهدافهم القومية،
فعقدوا معه جلسة أرادوا منه أن يطالب بحقوقهم العربية المشروعة،
قال مراوغاً أو ربما صادقاً: سأنفذ ما تطلبون ولكن فلتكن مطالباتكم في إطار الدستور الإيراني،
ولا تزيد عن مادتين، كي أكرس وقتي لتحقيقهما.
إحتارالشباب!
الحقوق المسلوبة كثيرة!
هل يقدمون طلب إفتتاح مدارس عربية؟
أم إصدار صحف عربية؟
أم إزدياد عطلة عيد الفطر إلى ثلاثة أيام؟
أم تخصيص نسبة من بيع النفط إلى الأحواز؟
أم يطالبون بإجازة لإنشاء حزب عربي يعمل في إطار الدستور الإيراني؟
أم يطالبون بتعطيل شركات قصب السكر التي دمرت المياه وقد أنشأت لجلب الكثير من الفرس إلى الأحواز؟
أم يطالبون بحرية السجناء الأحوازيين السياسيين كـ (فهيمة الإسماعيلي) و(محسن الباوي) وغيرهما؟
وكثرت المطالبات... وتصارعت الآراء... حتى بحت الأصوات،
كل يشترط على مرتضى الطي أن يطالب بتحقيق حلمه العربي في البرلمان الفارسي!
قال مرتضى المؤيدة صلاحيته من جانب النظام:
لا تحملوني ما لا طاقة لي على حمله،
ولا تطلبوا مني تحقيق ما لست قادراً على إنجازه،
سأختار الصحف العربية وازدياد عطلة العيد إلى ثلاثة أيام.
ومن باب (شئ ولا العدم) إقتـنع الشباب وتحزموا للتبليغات لمرشحهم مرتضى الطي.
وبعد صراع عنيف إستمر لأيام فاز مرتضى،
ودخل البرلمان...
وفي الجلسة الأولى إفتقد الرئيس ونوابه، يونس المصطفائي مندوب الدورة الماضية واستائوا من وجود المندوب الجديد مرتضى الطي!!!
وبعد ما رحب الرئيس بالحضور، قام كل مندوب وطالب بحقوق مدينته،
ولمّا وصل الدور إلى مرتضى الطي قام بنشاط وقال متحمساً:
أيها الرئيس، أيها السادة، لا أطالبكم بشئ خارج إطار دستور جمهوريتنا الإسلامية،
طلبي الأول هو أن توافقوا لشعب الأحواز بإصدار صحف عربية طبقاً لمادة 15 من الدستور،
وطلبي الثاني أيها السادة هو أن تزودوا عطلة عيد الفطر إلى ثلاثة أيام..
هذا وشكراً.
همس الرئيس إلى نوابه الجالسين بالقرب منه وقد علا وجهه الإمتعاض:
رجعنا إلى إسطوانة مطالبات العرب!!!
كم تعبنا حتى هدينا يونس المصطفائي إلى صراطنا؟!
كنت قد قلت لكم بأن تدعموا يونس كي يفوز في هذه المرحلة ولكن لم تعلقوا أهمية!
قال أحدهم: دعمناه بالمال الوفير سيدي، ولكن الشعب الأحوازي رفضه!
قال الرئيس: ألم يكن بإمكانكم أن تزوروا الأصوات؟
قال: سيدي...
قاطعه الرئيس قبل أن يكمل فقال:
الفأس وقعت في الرأس! اهدوه إلى الصراط كما هديتم الذين جاءوا من قبله!
اهدوه قبل أن يفضحنا أمام كاميرات الفضائيات والصحافة الأجنبية!
اهدوه قبل فوات الأوان!
فلتكن مطالبته هذه، لأول مرة ولآخرها!
إسرعوا لأن جلستنا في المرة القادمة ستكون علنية!
لا أريد فضائح ولا عرباً!!!
قدموا لمرتضى الطي ظرفاً مغلقاً في نهاية الجلسة المغلقة...
كان في داخله بطاقة دعوة، جاء فيها:
السيد مرتضى الطي مندوب الشعب الأحوازي، ندعوك لتناول العشاء هذه الليلة في منزل رئيس البرلمان، نرجوا أن تزين مجلسنا بحضورك المبارك وسنكون على أحر من الجمر في انتظارك...
ذهب الرجل في الموعد المقرر...
إستقبله الحراس وكأنهم يعرفونه من الف سنة!
أرشدوه إلى صالة الدخول،
طرق الباب...
فتحه رجل فارسي كهل ذو لحية إسلامية،
إستقبله إستقبالاً حاراً وأرشده إلى باب آخر,
طرقه...
فتحت الباب فتاة شقراء والشعر متناثر على كتفيها!!!!!!!!
تخشب صاحبنا على الباب!
فرك عينيه ليتأكد أنه ليس نائماً وما يراه ليس حلماً!
إبتسمت له وبادلها إبتسامة شاحبة،
ثم إستقبله الرئيس وبعض النواب...
وقال أحدهم بعد أن جلسوا على الأرائك مخاطباً صاحبنا المبهوت:
ماذا كنت تعمل قبل ترشيحك؟
قال وهو لا يكاد يصدق ما يراه: كنت موظفاً،
ــ وكم كان راتبك؟
قال في فزع: ثلاثة ملايين ريالاً،
ــ وكم ستقبض الآن؟
إختـلس نظرة إلى الفاتـنات اللائي كن ينظرن إليه، ثم غضض بصره فقال:
أعتقد أن راتبي سيصل إلى عشرة ملايين،
ــ إسمع يا مرتضى الطي، سندخل في لب الموضوع دون مقدمات!
سنعطيك مئة مليون في الشهر!
أضف إلى ذلك قصراً مجللاً في شمال طهران!
وسيارة فخمة!
وستنعم بهذه النعم التي تراها، شرط أن...
ثم سكت قليلاً ونظر في عينيّ صاحبنا نظرة صلبة ثم دنا منه ثم أردف بصوت منخفض:
شرط أن تسكت عن مطالبات العرب! سواء في البرلمان أوخارجه! وأعني أمام الكاميرات!
ولك ساعة أن تفكر في تلك الغرفة...
قال صاحبنا متمتماً:
وإن رفضت؟
قال الفارسي: كل حديث في أوانه,
ثم رشف الإناء الذي كان على الطاولة وتابع القول ضاحكاً: ولكني لا أظنك رافضاً!
وأدخلوه في الغرفة ليفكر...
وهم عادوا إلى مسامراتهم والشقراوات يتبخترن حولهم كالغزلان!
قال مرتضى ــ الذي وقع في شباكهم كالحمامة ــ يحدث نفسه:
ما لهؤلاء وقد عشعش الحقد ضد العرب في قلوبهم وباض؟
ولم تمهله الشقراء فرصة ليفكر فبالغت في تجميل وجنتيها ودخلت عليه وقدمت له الفاكهة وخرجت...
ثم عادت وقد كشفت عن صدرها فبان نصف نهديها، وقدمت له الماء وخرجت...
ثم عادت عارية الساقين وحتى الفخذين وقدمت له العصير وخرجت...
..............................................
لم يقاوم الرجل هذا الجمال والمال الذي واعدوه به،
فأبلغ الرئيس (أني موافق)!
عندها أمر الرئيس الفتاة الشقراء ورائحة الـ(ويسكي) تفوح من فمه:
يا آزيتا، عليك به!!!
ثم خاطب مرتضى الطي فأردف:
وستأتيك في الليالي القادمة أخريات، مهناز.. و..زرين.. و..سيمين!
ودخلت آزيتا على مرتضى الطي واغلقت الباب خلفها...
لم ير جمالاً كجمالها من قبل بتاتاً!
فارسية جميلة بمعنى الكلمة!
ثيابها تبرز جميع تقاطيع جسدها!
ولكنها رفضت أن تدنو منه!
سألها عن طلبها وقد إشتاق إليها بعد أن حركت كل أحاسيسه الجنسية؟
قالت بغنج: سأكون لك ولكن بثلاثة شروط:
قال وقد نسى كل العهود:
اطلبي ما تشائين، فالروح رخيصة لأجلك!
قالت وهي مسلحة بسلاح جمالها الأخاذ:
شرطي الأول أن تقول: تباً للعرب،
ثم تقول: تباً للأحوازيين،
وتقول: عاش الزردشت.
ضحك مرتضى الطي وقد بدأ الـ(ويسكي) يسكر كل أعضائه، فلبى ما طلبته قائلاً:
فداك كل العرب وألف( تباً لهم)!
وألف (تباً للأحوازيين) أيضاً ولمطالباتهم التافهة!
وليعش الزردشت ولتحيى النار المقدسة!
ثم خاطبها هاتفاً:
والآن يا حلوتي هل تريدين أن أسب مذهباً أو أحداً؟ الإسلام مثلاً أو حتى النبي والأئمة!
أم هل تريدين أن أتخذ ديناً آخر غير الزردشت؟ اليهودية مثلاً!
فأنا حاضر بما تؤمرين!!!
قالت وهي تنزع ما تبقى من ملابسها الشفافة:
لا أريد منك أكثر من هذا, فقد أصبحت ملك يديك!
ثم قفزت في حضنه,
وأنسته كل المطالب العربية التي جاء من أجل تحقيقها.
فباتت في حضنه تلك الليلة حتى الصباح، وأغرقته في النشوة... فلم يحفل بعدها بأية قضية!
وبات الأحواز غارقاً في عتمة رمادية شهباء،
وبات السجناء الأحوازيون يحترقون تحت سياط المحتـلين.