أحلام واحد عريان
ويصا البنا
1
لقد سألت نفسي سؤالاً غريباً مستحيل أن أفكر فيه أو يحدث ولكنه سؤال سألته لنفسي هذه المرة ماذا لو كنت رئيس الجمهورية؟
ماذا سأفعل؟ حتى لا أصبح ديكتاتور وأصبح ديمقراطي، ماذا أفعل؟ وكيف سأتصرف في هذا الكم من المشاكل والكوارث الموجودة الآن؟ هل سأسلم بالأمر الواقع وأتلقى تقارير كاذبة عن حالة الشعب؟ أم أني سأتفاعل مع مشاكل الشعب؟ ومن أين أبدأ؟؟ من غلاء الأسعار أم تغير مفاهيم الشعب؟ أم محاربة البطالة والفقر والعشوائيات؟؟ هل سأهتم بالداخل أم بالخارج؟؟ ماذا أفعل؟؟
أحترت فعلاً فالمسئولية كبيرة حقاً، فهي مشاكل متراكمة منذ سنوات عديدة وبعيدة وخاصة وأن الشعب أصبح هشاً وتحكمه تيارات عديدة وأفكار غريبة خالية من الحب!!!
ماذا أفعل؟ احترت فعلاً؟ ولم أستطع الإجابة على هذا السؤال،،، وفيما أنا أفكر غلبني النوم وقد جاء النوم في وقته، فكان منقذ من هذا التفكير القاتل ولكني رأيت شيئاً غريباً وكأن النوم جاء لكي يجاوب على سؤالي فقد استيقظت لأجد نفسي في قصر الرئاسة على طريقة مسرحية الزعيم ووجدت أمامي كل المستشارين وأصحاب النفوذ كلهم تحت أمري يقدمون التقارير، ها أنا أستلم كم هائل من التقارير فصرفتهم جميعاً على وعد بدراسة التقارير المقدمة.
ها هي تقارير عن علاقتنا بالدول الخارجية والمباحثات، وها هي تقارير عن الاتفاقيات الكثيرة بين الدول، وها هو تقرير الأمن، وتقرير آخر عن الحالة الاقتصادية، وآخر عن حقوق الإنسان، أحترت كيف أبدأ أو من أين؟؟ فقررت أن أختار حقوق الإنسان أولاً وقرأت فيه أننا أفضل دولة في العالم تطبق حقوق الإنسان، وأن العالم كله يشيد بتجربتنا في حقوق الإنسان وترسيخ قيم المواطنة، وأن الحاقدين على الوطن يشوهوا صورتنا أمام العالم الخ..........
كيف أصدق هذا الكلام؟ أنا رئيس من عامة الشعب وكنت بالأمس تنتهك حقوقي بكل الطرق بالطبع هذا تقرير خاطئ.
فأمسكت تقرير الأمن ورأيت إحباط 122 محاولة اغتيال لشخصي يا للهول كيف يتم ذلك وأنا رئيس منذ ساعات قليلة؟؟ ولم أرى شيء من أمور الرئاسة سوى هذه الغرفة التي أجلس فيها هذا أيضاً تقرير خاطئ.
فقررت أن أقرأ عن الاقتصاد وماذا يحوي هذا التقرير، فوجدت أن دخل الفرد اليومي ما يوازي 30دولار أمريكي وهؤلاء هم محدودي الدخل، وبدأ التقرير بطلب لرفع الدعم وزيادة أسعار الخبز والبنزين والمواصلات وهذا من أجل إصلاح الطرق لأن الحالة الشرائية للسيارات ارتفعت جداً وأن عدد السيارات يفوق عدد البشر الخ......
فأمسكت التقرير وأخذت اقلب في صفحاته لكي أعرف عن أي دولة يتكلم هذا التقرير وأعرف في أي عام نحن،، فعرفت إننا في بداية عام 2008، وأن التقرير يتكلم عن بلدي التي أعيش فيها يا للهول أنا واحد من هذا الشعب المطحون الذي بالكاد يستطيع أن يوفر قوت يومه هذا تقرير مغلوط أيضاً.
وبعد ساعات من القراءة في التقارير التي لم تختلف عن نفس السياق أن الحياة جميلة ورائعة ولا تخلو التقارير من نظرية المؤامرة التي تتعرض لها البلاد ولكن كل شيء تحت السيطرة فقط يريدوا مني الصبر وعدم النظر إلى ما تقوله المعارضة المأجورة من الخارج ومن أعداء النمو الاقتصادي الذي تشهده البلاد كل يوم، والنصيحة بأن أهتم بالخارج وقضايا الدول المجاورة وأن أبتعد عن الداخل لأن الأمور مستقرة ولا يخلو التقرير من لغة التهديد بأن حياتي في خطر لو فعلت غير ذلك.
يا الله مَن أصدق؟ الحياة التي كنت أحياها منذ قليل وأنا واحد من هذا الشعب أم تلك التقارير الكاذبة التي تتكلم حتماً عن عالم آخر وبلد آخر وشعب آخر؟؟؟ فقررت أن أثبت لهم عكس ذلك وخاصة أني أعرف كل شيء فقمت باستدعاء كل المسئولين ومَن قاموا بكتابة التقارير وأمرتهم بإحضار تليفزيون وكمبيوتر لكي نرى سوياً نشرات الأخبار في العالم وعلى مواقع الانترنت وبالفعل تم ذلك في دقائق معدودة.ويا للهول الصدمة فكل القنوات الإخبارية العالمية والعربية التي أعرفها تؤكد كل التقارير، ومواقع الانترنت التي أعرفها أيضاً تؤكد كل التقارير بأن الحياة جميلة فتأكدت أني مغيب وأنا أرى هذه الابتسامة الصفراء التي لا تخلو من الشماتة على وجوههم والجميع يؤكد أني مريض ومحتاج للراحة فانصرفوا وعرفت من أين يأتي الخطر وعرفت لما هذا الشعب المسكين من سيء إلى أسوأ!!! ولابد من تغيير الوضع، ولكن كيف أفعل ذلك وأنا من الممكن أن أختفي من الحياة في لحظة؟؟؟ فأنا في حمايتهم ولا أستطيع التحرك بدونهم؟!!ولكني فكرت في فكرة رائعة، أجعل من بلدي دولة متطورة رائعة تجعل الشعب يحترم الآخر ويعيش من أجل رقي المجتمع، وقد قررت البدء في عمل الخطة والتي تجعل من الوطن علماني منتج ديمقراطي حر وطن مثالي..............
يا الله ما هذا؟؟
ووجدت أحدهم يضربني بشدة أنت بتحلم تبقى رئيس يا حشرة أنت مش عارف إن دة ممنوع!!! وحاولت أن أتجنب ضرباته واستيقظت لأجد نفسي على السرير بدون غطاء وشكرت الله كثيراً أن هذا حلم وحاولت أن أتذكر ما هي خطتي دون جدوى.
أحلام 2
وبعدما إستيقظت وكنت سعيد أن هذا كان حلم, ولكني قد تسألت إلى هذا الحد منصب الرئيس مهم؟ وشعرت أن أي رئيس ليس سعيداًَ كما كنت أتوقع فهو حتماًَ يفكر في أشياء كثيرة وإلتزامات كثيرة وعليه مسئولية غير عادية تجاه الشعب الذي اؤتمن عليه من قبل الله أولاًَ, وعرفت أنه سيعطى حساباًَ عن إهماله أو تقصيره أو عدم حكمته في إدارة مصالح هذا الشعب ولا أخفى عليكم سراًَ أن هذا المنصب رغم كل مسئولياته إلا أنه ذو بريق ونفوذ رائع ويدخل البهجة إلى القلب, أخذت تلك الأفكار تراوضنى طوال النهار فلم أستطع الخروج من المنزل في هذا اليوم وأنا أفكر لو أن هذا الحلم حقيقة, هل من مخرج لما يحدث وما هو؟
إلى أن غلبني النوم مرة آخرى ووجدت نفسي في نفس المكان ونفس المنصب وهنا تذكرت خطتي لإصلاح الأوضاع فخرجت متخفياًَ بدون حراسة وأنا لا احد يعرفني ولا اعلم كيف أصبحت رئيساًَ وذهبت إلى المعتدلين والمفكرين والمثقفين الذين أعرفهم وإجتمعنا سوياًَ, وقررنا عمل الخطة وقد تم تعيين كل من هؤلاء في موقع مسئول بدلاًَ من هؤلاء الذين خربوا البلد ورجعت إلى قصر الحكم وإستدعيت وزير الحربية وتناقشنا في الخطة المزمع أن أقوم بها وأن للجيش دوراًََ هاماًََ في الفترة القادمة, ووعدته أنه سيكون نائب الرئيس وبالفعل تم ذلك وأعددنا الخطة وإستدعيت كل الوزراء والمسئولين إلى القصر لأمر هام.
وإستدعيت أيضاًَ كل القنوات الفضائية وعندما جاء الجميع وإكتمل العدد بدئت جلسة العتاب على ما فعلوه في هذا البلد وتشريد الناس والغلاء والأمراض وكل ذلك يذاع على الهواء مباشرة وفى أثناء إذاعة هذا الحوار كان الجيش قد قام بالسيطرة على جميع البلد وهذا على طريقة فيلم ناصر 56 وبعدما جاءت الإشارة أن الجيش أصبح هو من يسيطر على البلد في هذا الوقت إتجهت إلى الكاميرات مباشرة
قرار جمهوري
أولاًَ: يتم القبض على جميع الوزراء الحاليين والسابقين وتحويلهم إلى محاكمة عاجلة محاكمة شعبية قبل القضائية. ثانياًَ: إغلاق جميع حدود الدولة مع جميع دول العالم حتى إشعار آخر
ثالثا: صياغة دستور جديد للبلاد أهم بنوده أن دولتنا مدنية علمانية إشتراكية
رابعاًَ: الإفراج الفوري عن كل صاحب رأى أو معتقل سياسي وإلغاء كل القضايا والأحكام المقيدة للحريات
خامساًَ: ممنوع منعاًَ باتاًَ التشدق بالدين أو زج الدين بالسياسة بأماكن العبادة وهي المكان الوحيد لمناقشة أمور الدين ومن يخالف هذا الأمر أو تثبت إدانته في إثارة الفتن أو التميز بين فئة وآخرى بالدين أو اللون أو العرق يعدم رمياًَ بالرصاص في ميدان عام بدون محاكمة.
سادساًَ: حرية إنشاء الأحزاب والجرائد ومنظمات المجتمع المدني بدون قيود أو شروط.
سابعاًَ: تثبيت أسعار السلع والخدمات والمواصلات لمدة خمس سنوات قادمة
ثامناًََ: إجتماع طارىء لجميع رجال الأعمال وذو الأموال في موعد غايته أسبوع لتقديم إقرارات ذمة مالية عن جميع ممتلكاتهم ومستندات الملكية.
تاسعاًَ: رفع جميع المرتبات 200% وبناء عليه اي موظف يقوم بأخذ رشوة يجرد من وظيفته فوراًَ مهما كان موقعة ويحاكم.
عاشراَ: الإعداد لإنتخابات مجالس النواب والمجالس المحلية في موعد غايته ثلاثة شهور والإشراف القضائي التام مع منظمات المجتمع المدني
الحادي عشر: رفع الحصانة عن كل الفئات فالجميع أمام القانون سواء والجميع قابل للنقض والإدانة والمسائلة بدء من رئيس الجمهورية ونهاية بأى فرد في المجتمع.
الثاني عشر: فتح الباب الإستثمار للجميع ولأصحاب المشاريع, الاراضى والمرافق مجاناًَ.
الثالث عشر: البلد تحت سيطرة الجيش حتى إشعار آخر أو الإنتهاء من تحديد كل مؤسسات الدولة.
الله الوطن.
وإستيقظت فجأة هذة المرة خوفاًَ من أي تطورات آخرى وقررت أن ارتدى جميع ملابسي قبل النوم وربنا يجعل أحلامنا خفيفة عليهم, أمين يارب العالمين