نوران والحمام البري

قصص الأطفال

أحمد صرصور

[email protected]

قالت الحمامة البرية لزوجها: "يجب علينا ان نختار مكاناً نبني فيه بيتنا, لكي نضع البيض, فقد حان موعد التفريخ ".

قال الزوج: "اجل انت على حق, ويقال انه يوجد في المدينة طفلة جميلة,  تدعى نوران, يمكننا ان نبني بيتنا  في نافذة غرفتها".

قالت الحمامة: "وهل هي مؤدبة, ولن تعبث بالبيض, او الفراخ, كما يفعل بعض الاطفال الشريرين؟".

قال الزوج: "نعم, انها مؤدبة جدا, بل واكثر من ذلك, تحفظ عدة سور من القرآن الكريم, وتحترم والديها, وتحب اخوتها, وترفق بالحيوانات,وتعطف عليها, وتقدم لها الطعام. وأعتقد اننا اذا بنينا عشنا في نافذتها, فانها سترعانا وترعى فراخنا, ونكون في مأمن من أيدي الاطفال الشريرين, الذين يعبثون في بيضنا".

قالت الحمامة: "على بركة من الله. دعنا نذهب اليها, ونطلب الاذن بذلك".

حامت الحمائم حول النافذة . فرأتها نوران وقالت في نفسها: "لعل هذه الحمائم جائعة, وتبحث عن الطعام!", فقامت الى المطبخ, واحضرت فتات الخبز, ووضعته على الشباك.

رأت الحمامة ما فعلته نوران,ونظرت الى زوجها نظرة اعجاب. وكان لسان حالها يقول له: نعم الادب, ونعم الاخلاق. هذه الطفلة ستحفظ فراخنا من الهلاك, ثم طارتا من نقطة المراقبة وهبطتاعلى النافذة.

بادرت نوران الحمائم بالكلام وقالت: "تفضلا, تناولا الطعام. أعتقد انكما جائعتان".

قالت الحمامة لنوران: "شكرا لك ايتها المؤدبة, نحن لسنا جائعتين, ولكن سنأكل القليل من اجلك.

 في الواقع اننا نبحث عن مكان نبني فيه عشنا, ولقد سمعنا انك على قسط كبير من الادب, وعلمنا بمحبتك للحيوانات, ورعايتها. فقررنا ان نبنيه في نافذتك, لكي نحمي فراخنا من الاطفال الاشرار, الذين يتسلون بالعبث بفراخنا, وذلك ان سمحتي لنا بذلك".

قالت نوران: "اهلا وسهلاً, وانه ليسرني ان نكون جيران. واعدك ان احمي فراخك من كل اذى".

سرت الحمائم من هذه الاجابة, وبدأتا بنقل القش لبناء العش, ونوران ترقبهما, وتقدم لهما الطعام ,حتى انتهت من بناء العش.

وضعت الحمامة بيضتين, ورقدت عليهما مدة  ثلاث اسابيع. كانت نوران تقدم اليها الطعام, وتسهرعلى راحتها, وترعاها. حتى اخذت البيضة الاولى تتشقق, ويتكسر الغلاف البيضوي, ليظهر الفرخ الاول, فرحت نوران جدا وركضت لتخبر امها بقدوم الضيف الجديد.

 مر يوم آخر, واذا بالبيضة الثانية تتشقق, ثم يخرج الفرخ الثاني ويلتحم باخيه التوأم معانقا اياه.

سرت نوران بالفرخين, وكانت تقدم لهما ولامهما الطعام يوميا, كما كانت تخرجهما من العش وتضعهما على كفيها لتلاعبهما.

مضى اسبوعان كبر فيهما الفرخان واصبحا قادران على الطيران .

توجهت الحمامة بالشكر الجزيل لنوران على حسن الضيافة وقالت لها: "آن الاوان ان نرحل".

حزنت نوران على فراق الحمائم لها . لكن الحمامة الام, هدأت من روعها ووعدتها بان تاتي في العام المقبل, وتفرخ في نافذتها".

مرت  الايام حتى اكتملت السنه, واذا بالحمائم التي اصبح عددها اربع ازواج بعد ان كبرت الفراخ تعود الى نافذة نوران .

سرت نوران بقدومهن, ورحبت بهن اجمل ترحيب, وهيأت لهن النافذة لبناء بيوتهن .

مع مرور الزمن, تكاثرت الحمائم, واصبحت اسراب تطير, حول نوران اينما ذهبت.