المصيدة

محمد عبد القادر التونى

[email protected]

لم تأخذ حيزاً من تفكيره إلا بعد مشقة وعناء ؛ فهو إذا ماانكب على كتبه غاب عن الوجود ، يدندن مع نفسه فى انسجام ؛ ثم ينهمك فيرتفع صوته بعزوبة يتحكم فيها ارتفاعاً وانخفاضاً وترقيقاً وتفخيماً كأنما وعى المقامات بمجملها ، بعد منتصف الليل كان قد انتهى من قراءة الكتاب ، فنهض ليريحه فى مكانه فى رف الأدب ، فلمحها ، بهت لرؤيتها كأن لم ير مثلها من قبل ، فانتظر فى مكانه ساكناً يحتضن كتابه وهو يرقب حركاتها ؛ متساءلاً فى صمت واندهاش : أيوجد مثل هذا ونحن فى زمن العولمة ؟ ! ولأن الغرائز لم تعط لمتأن فرصة ، وسوس إليه الشيطان فهم بها ، سقط الكتاب من يده ، أسرع ولم يبال ، لكنها كانت كسراب بقيعة ، نام ليلته وجلاً فى انتظارها ؛ لكن يبدو أنها قرأت مافى خاطره ، فلم تأت ، فى الصباح بكر إلى السوق ، وأمام بائع الحدايد قال : أريد مصيدة للفئران ! .