أنف عربي

أنف عربي

ليلى رابح / الجزائر

[email protected]

سار الأنف العربي في الساحل الغربي و هو يتعجب لمرأى أنوف غربية ممشوقة القوام لا شية فيها متكئة على وجوه تشع نضارة و صحة تعلوها عيون زرقاء و أخرى خضراء قد استمدت من ألوان الشمس و البحر سحرها يتأمل نفسه لبرهة في مرايا عيونهم فيشمئز من مظهره البدين فهو عريض المنخارين شدد البأس يتوسط كل الوجه تعلوه عيون سود جعلته لا يرى من الدنيا إلا سوادها و عن جانبيه لحية كثيفة و أسفله شوارب شائكة تسبب له حساسية مفرطة فلا يكاد يسلم من العطاس أبدا مما جعل كل الأنوف الغربية تفر منه خشية العدوى .

لم يكن أسهل عليه من حلق لحيته و شاربه و استبدال العيون السود بعدسات بديعة الألوان لكنه احتار ماذا يصنع بأنفه.

ازداد ضيق الأنف العربي و هو يرى الأنوف  الغربية الرشيقة تركض على الشاطئ و هي تلهو و تمرح إلى أن لمحه أحد الأنوف فبادره " مالك و هذا الأنف البدين و المنخارين الغليظين ، لم يعد يظهر من وجهك شيء " ؟ أطرق الأنف العربي و تنهد تنهيدة عميقة  حارة فارت من منخاريه    و استطرد قائلا " إني أتوق لأن أصبح مثلكم فاهدني إلى سبيل ذلك أكن لك ممتنا و شاكرا "

ردّ الأنف الغربي ضاحكا و قد اهتز شامخا فخرا و اعتزازا " الحل أبسط مما تتصور، ما عليك سوى الخضوع لعملية بسيطة ترّقع بها ما يمكن ترقيعه فتبدو بمظهر أنيق يليق بحياتك و لهوك معنا

لم يصدق الأنف العربي ما اشتمه من روائح زكية انبعثت من اقتراح صديقه الجديد الذي سارع رفقته لأخذ موعد مع اكبر جراح غربي و كان له ما أراد . لم يكن الأنف العربي خائفا من مظهره الجديد و لا من سخرية أهله و عشيرته ، كل ما كان يفكر فيه أن يتساوى و الأنف الغربي و ينعم بالحياة التي يحياها و لا باس عنده أن يضحي بشبر أو شبرين من ارض أنفه الواسعة .

شق الطبيب الكبير أخدودا عميقا في منخاره الشرقي و حفر عميقا حتى استنزف من دمائه ما شاء ليكتشف في النهاية أن العملية لم تنجح و ينصحه بالخضوع لأخرى ليحفر هذه المرة آبارا أخرى في منخاره الغربي و يستنزف من دماه ما شاء أيضا لكن الطبيب أخفق للمرة الثانية ليكتشف انه لم يساو بين المنــــخارين و توالت العمليات و هو في كل مرة يطمئنه و يغريـــه بالمظهر الجـــذاب و الأنيق حتى  انمحى الأنف العربي تدريجيا من خارطة  وجهه و لم يعد يرى له أدنى  اثر يذكر.