آلو
عبد الواحد الزفري*
- أيا واقفا كنت أم جالسا! تهاتفني بعنجهية الجاهل المتكبر:
_ "من معي"؟.
أنت الهاتف الداعي لمكالمة تطلع نهايتها على الشريط قبل البدء، ولست أنا من... ! فمن تكون أنت؟! من بين مخلوقات الأرض.
- وهل "المخزن" يعرف بنفسه؟ أم تراك نسيت سنين رصاصه؟
- مخزنك ذاك نحن من صنعناه، فلا داعي للتذكير.
- ومن أنتم يا صناعنا؟!
جاء دوري كي أجيبه بعنجهيتي وتبجحي:
- أنا الشعب و الشعب أنا.
- آه! أواه! تتزايد على المخزن بلسان مثل الذي قطعناه!
- كما تزايدت أصواتكم علينا في صناديق الاقتراع و...
- قال لي باستصغار:
- بدأ الكلام في السياسة يصل مسامعنا!!
أجبته باستعلاء:
- لا يكون الكلام إلا سياسة.
- قال والتصعيد باد من خلال حمرة الكلام.
- ترقى النقاش إلى فلسفة السياسة، هذا جميل.
- ليس بجميل ما أقوله، ولا هو جميل عتق العصي كي تهوي على رأس العطالة أمام قبة البرلمان، وعناقيد العطاء للوطن قد تدلت، مخجل أن ننصهر في الآخرين فتصبح كل الحروف الأبجدية "باللاتينية"، كما أنه محبط أن تنفخ قوارب الموت على كير البحر لتتأجج أمواجه و تلتهم أجساد قوم كالسردين صفت، ورؤوسها تشرئب لحضور حفل "الفلامينكو" المقام بالضفة الأخرى دون سابق دعوة.
منتهى الوقاحة، والاحتقار والخسة أن يمسك أحدكم بالسلطعون و الكافيار وآخر بالخبز والخبز.
صرخته المفزعة أوقفت خشوعي في الكلام، فانتهزت الفرصة لشرب جرعة باردة، دون أن أزيح السماعة عن أذني:
- هذا قذف علني للمخزن، يعاقب عليه القانون برصاصة!
- مثلما يعاقب قانونك على السلب والنهب المتكرر لأموال، تستقطع من رواتب الموظفين لذلك؟!
عبر الهاتف أتاني صرير الكرسي، ففهمت أن مساجلي قد استشاط، ونهض من مكتبه، وخلت الأصفاد الصدئة في يده:
- استدللنا على اسمك من رقم هاتفك.
- أنا أيضا عرفت سلالتك من رنين الأصفاد، التي شدها الحنين إلى سنين الرصاص.
- ها! ها! ها!... بل لم تعرفني.
_ ها!ها! ها! بلى عرفتك.
- من أكون إذن ؟!
- أنت صديقي "سعيد" الغير سعيد بالأوضاع.
- ها!ها!... كيف حالك أيها اللئيم؟!
_ كما سمعت أيها المشاكس!.
_ وهل أتيت بجديد؟ّ!ها!ها!ها!..
* قاص من مدينة القصر الكبير المغربية.