الجمبري
حسين راتب أبو نبعة
جامعة الملك عبد العزيز
كلية المعلمين بمحافظة جدة
بعد
صلاة العشاء بقليل دلف زاهر و برفقته ضيف عزيز عليه إلى احد المطاعم التي تقدم
الأطباق الفاخرة و خاصة المأكولات البحرية. كانت هذه فرصة سانحة ليعبر لصديقه الضيف
عن علاقته المميزة به .حضر الجرسون فطلب منه المضيف إحضار أشهى الأطباق ، فبدأ
بتدوين الطلب إلى أن قاطعه الضيف الذي الذي لديه بعض الطباع و الأمزجة الغريبة
الأطوار في الأطعمة .أصر انه لا يحب الجمبري و أشياء أخرى كالحمام المحشي و
المعكرونة ! و أسهب في سرد ما يكره تناوله من الأطعمة.
أصاب المضيف شىء من الإحباط و قال له – في محاولة لاقناعه بتناول ما سوف يطلبه
من مأكولات بحرية- أنت في مدينة تعشق هذه المأكولات ، و ألح عليه و لكن دون جدوى و
اكتفى بطلب شيء من الأرز و البازيلاء و بعض الدجاج.
كان المضيف صاحب دعابة و لم يكن يسمح لهذه المناسبة أن تمر من دون إدخال بعض
الدعابة . همس في أذن الجرسون شيئاً ما ، و حتى لا يدخل أي شك في نفس الضيف قال له
لقد أوصيت لك كأساً من عصير القصب الطبيعي فلا تحرجني و تقول أنك عازف عن شرب عصير
القصب .ابتسم الضيف و أبدى الموافقة - فالقصب له فوائده .
أكل الضيف بشهية مفتوحة و شكر صديقه على كرمه المعروف. شىء ما أثار استغراب
الضيف فتساءل ببراءة لماذا وضعت أمامي طبقين من الدجاج ؟ هذا إسراف أيها الصديق .
-
لا بأس يا صديقي ،
فالطبق الثاني نوع جديد من الدجاج الياباني يقطعونه قطعاً صغيرة و يضيفون إليه أشهى
البهارات الهندية المعروفة . أحببت أن أجعلها مفاجأة ، إذ أن هذا النوع لا يوجد
عندكم في القرية و هو آخر تقليعة من المائدة اليابانية !
هز الضيف رأسه بالموافقة و الإعجاب و
قال : فعلاً انه ذو نكهة لم أتذوقها من قبل و أتمنى أن تصل هذه الوصفة إلى بلدتنا.
انهمك الطرفان في تناول الطعام و عندما أتى الضيف على آخر قطعة من الطبق الياباني
انفجر المضيف ضاحكاً .
تجاوب الضيف مع ضحكات المضيف دون أن
يعرف سبب القهقهة. انتبه رواد المطعم لما جرى و جاء صاحب المطعم طالباً منهما
الهدوء حتى لا يشوشوا على بقية الزبائن .عندما هم بالخروج أعطى المضيف بضعة ريالات
للجرسون.
-
لماذا أعطيت الجرسون
ما أعطيت و قد جاء يلومنا على الضحك ؟ قال الضيف ببساطة.
-
لأنه أقنعك و ساعدني
في إقناعك على تناول طبق الجمبري كاملاً على أساس انه نوع جديد من الدجاج
الياباني ! عندئذ لم يتمالك الضيف نفسه فضرب بيده مقدمة جبهته و قال :" كم كنت
مغفلاً ! "