مدينة الحجاج بن يوسف الثقفي
محمد سعيد الريحاني
" مدينة الحجاج بن يوسف الثقفي ترحب بكم"...
هذه هي أول عبارة تقابلك قبل ست كيلو مترات من دخولك المدينة على متن سيارتك. ثم تتوالى الشعارات على السبورات الحديدية على جانبي الطريق:
"من أجل مدينة حجاج بدون دور صفيح في أفق 2999"،
" من أجل مدينة حجاج بدون رشاوي في افق 2999"،
" من أجل مدينة حجاج بدون بطالة في افق..."،
" من أجل مدينة حجاج بدون سجون في..."،
" من أجل مدينة حجاج بدون ..."
" من أجل..."
"..."
وصلت، أخيرا، إلى مركز المدينة بعد قراءة كل الشعارات المؤدية إليه. نزلت من السيارة لأتمشى قليلا ريثما يحل وقت الندوة التي جئت لحضور أشغالها. مشيت مع "بوليفار" الحجاج بن يوسف الثقفي حتى إذا وصلت سينما الحجاج بن يوسف الثقفي توقفت طويلا عند أفيشات الأسبوع المقبل المزمع عرضها داخل القاعة" أفلام تاريخية عن إسهامات الحجاج بن يوسف الثقفي في توسيع رقعة بلاد الإسلام.
دسست يدي في جيب بنطلوني لأتجول على مهل في شوارع مدينة أستكتشفها لأول مرة. ثم واصلت السير بين وكالات تأمين الحجاج بن يوسف الثقفي وصالونات حلاقة الحجاج بن يوسف الثقفي ومقاهي الحجاج بن يوسف الثقفي واستوديوهات تصوير الحجاج بن يوسف الثقفي ومحلبات الحجاج بن يوسف الثقفي وملبنات الحجاج بن يوسف الثقفي ومصبنات الحجاج بن يوسف الثقفي وحانات الحجاج بن يوسف الثقفي وفنادق الحجاج بن يوسف الثقفي ومخابز الحجاج بن يوسف الثقفي ومر ائب الحجاج بن يوسف الثقفي وبقالة الحجاج بن يوسف الثقفي ومساجد الحجاج بن يوسف الثقفي... حتى خلصت إلى الساحة الكبرى: ساحة الحجاج بن يوسف الثقفي وتتوسطها نافورة عاجية رائعة التصميم، نافورة الحجاج بن يوسف الثقفي. لكن ما أثار انتباهي هو خلاء المكان من المارة إلا من أفيشات ملصقة على جدران المباني المجاورة.اقتربت منها لقراءتها:
" تنظم جمعية الحجاج بن يوسف الثقافي للتنمية والعدل والتربية والثقافة والإعلام والتواصل والرياضة وحقوق الطفل والمرأة والأقليات ندوة تحت عنوان: "الصورة المضيئة للحجاج بن يوسف الثقفي، العادل المستبد".
اقتحمت باب الندوة على آخر عبارة لآخر متدخل في الندوة:
"رحم الله الحجاج، ما أعدله!"
وتعالت موجة عاتية من التصفيق الحار الحقيقي لأيدي حمراء من فرط الجهد وعيون دامعة تعبر بصدق عن أدمغة لم تقرأ ولم تر ولم تسمع في يوم من الأيام بغير الحجاج بن يوسف الثقفي.