الغريب
حسين راتب أبو نبعة
جامعة الملك عبد العزيز
كلية المعلمين بمحافظة جدة
كان يمشي متثاقلاً محدودب الظهر كمن امضي عمره في تسلق الجبال الشاهقة ، يذكرك منظرة بأحدب نوتردام. يحدق و هو يمشي في الأرض كمن يبحث عن شيء أضاعه . ملامحه اكبر من عمره الحقيقي . الزمن عنده ساعة حائط قديمة توقفت عقاربها عن الدوران. دائم الحنين للماضي و استرجاع فصوله و لو كانت مريرة. ترهقك حكاياته الممجوجة و يقتلك التثاؤب و الملل و أنت تستمع أليه فتحتويك حالة إرهاق كتلك التي تنتابك و أنت تسافر في حجرة مهترئة لقطار قديم ما زال يستخدم الفحم الحجري وقوداً . حاولت مرة أن أحلل شخصيته و أغوص في أعماقه....فتح لي أبواب قلبه ، تأملت في أقواله و نبرات صوته و نظراته ، تحدث حتى جف ريقه فناولته الكوب الأول...ألقى بمحتواه في جوفه دفعة واحدة و أشار بيده إلى أعلى فهمت منها انه لم يطفئ عطشه بعد ، ناولته الكوب الثاني . عاد من جديد يسترسل في سرد ذكرياته بلا رابط و لا تشويق يشجع على السماع غلبتني نوبة من النعاس ، سقط القلم من يدي و غادر صاحبنا بلا مراسم.