حكاية وطن
ثامر سباعنه - فلسطين
اعتادت أم وطن أن تجلس في كل ليله بالقرب من سرير ابنها الوحيد وطن قبل أن ينام لتحدثه عن مدينتهم التي كانت تسكن بها هي وأهلها قبل أن تحتل من قبل الغزاة وينتقلوا للعيش في مخيم.
يذهب وطن في الصبح إلى المدرسة ويجمع طلاب صفه ويبدأ كل واحد منهم بالتكلم عن مدينته.
وطن: أنا مدينتي أجمل وأحلا لأنها مزروعة بأشجار البرتقال التي تعطر جو مدينتي.
محمد : بل أنا مدينتي أجمل لأنها على شاطئ البحر وتستطيع أن ترى السفن وهي تبحر.
تهاني: بل أنا مدينتي الأجمل. ففيها أشجار الزيتون والكرمه وبيوتها كبيره وجميله .
يعلوا صوت الأطفال وهم يتسابقون أيهم مدينته ألاجمل إلى أن يسمعهم المعلم.
المعلم : مابكم ؟؟ لم صوتكم عال ؟؟
وطن : يامعلمي كل واحد منا يقول أن مدينته أجمل ولم نتفق حتى الآن من هي المدينة الأجمل . ما رأيك ما هي أجمل مدينه من مدننا ؟
المعلم: كل مدننا جميله. وكلها رائعة .
وطن : لماذا لا نعود إلى هذه المدن الجميلة ونترك بيوت الزينكو ورطوبة المخيم ؟
المعلم: أنا لن أجيب على سؤالك وليرجع كل واحد منكم إلى أمه أو أبيه ويسأله هذا السؤال ويتعرف على بلدته وقريته الغائبه عن عيوننا لكنها محفوره في قلوبنا.
وفي تلك الليلة سأل وطن أمه ذلك السؤال .
الأم: كم نتمنى يا بني أن نعود إلى تلك المدن التي ولدنا وتربينا فيها.زرعنا أرضها وشربنا من مائها ولعبنا بين أشجارها . آه يا وطن كم كانت جميلة تلك الأيام.
وطن : لنرجع يا أماه لها ونسكن بيت جدي الموجود هناك .
الأم : يابني الحبيب .المنزل احتله الأغراب وقطعوا أشجارنا الجميلة حتى العصافير هاجرت وتركت مدينتنا .
وطن : أمي في كل ليله بعد أن تحدثيني عن مدينتنا وأنام . احلم إني أطير فوق شوارعها وأشجارها وبيوتها مثلما وصفتيها لي حتى إني أشم رائحة برتقالها.
الأم : أن شاء الله سنعود لها قريبا يا وطن .
وطن : أن شاء الله كم أنا مشتاق لها.
الأم : أتدري لماذا أسميتك وطن ؟؟
وطن : لماذا يا أمي ؟
الأم : لشوقي وحلمي بيوم عودتنا للوطن.
في الصباح استيقظ وطن نشطا وأسرع بإعداد فراشه ولبس ملابسه وتناول طعام الفطور وأسرع إلى مدرسته.
في المدرسة رفع وطن إصبعه مستأذنا من المعلم .
المعلم: تفضل يا وطن. ماذا تريد
وطن : معلمي أريد أن ارجع إلى مدينتي
المعلم مستغربا : وكيف ذلك يا وطن ؟؟ إننا جميعا نرغب بالعودة إلى مدننا وقرانا .
وطن : ليحضر كل طالب منا غدا مجموعه من البالونات وصورته وسأخبركم غدا .
عاد الطلاب إلى بيوتهم مستغربين ومتشوقين ليوم الغد يوم العودة إلى مدنهم الجميلة التي سمعوا عنها كثيرا لكن لم يروها.
في صباح اليوم التالي تجمع الطلاب في ساحة المدرسة ومعهم المعلم وكل منهم احضر مجموعه من البالونات الملونة وانتظروا ليسمعوا كلام وطن .
تهاني: هيا يا وطن اخبرنا كيف ستكون العودة.
محمد: لم استطع أن أنام الليلة وأنا أفكر بما قلته لنا يا وطن.
وطن : في كل ليلة كنت أنام وأنا احلم إني احلق في سماء مدينتي واليوم سأفعل ذلك .
تهاني : كيف يا وطن ؟؟ كيف ؟؟
وطن : سينفخ كل واحد منا بالوناته ويربط بها كرتونه يلصق عليها صورته ويكتب اسم مدينته أو قريته التي حرم منها وسنطلق البالونات في الهواء لتطير وتحلق في سماء بلادنا لتعود إلى مدننا وقرانا .
فرح الطلاب والمعلم وأسرع كل واحد منهم ينفخ بالوناته ويستعد لرحلة العودة، او على الاقل زيارة بلدته المسلوبه. وبعد دقائق حلقت البالونات في الفضاء وكل طالب يودعها بيديه وعيناه تدمع حبا وشوقا.