أحاسيس زائفة
ربيحة الرفاعي
ضغطت فكيها بقوة وهي تراقبه يقبل يد أمه بحنوّ أعجبها أن تؤكد لنفسها زيفه.
" لا أدري لماذا لا تستسلم هذه العجوز لنهايتها وتمضي عنّا، ستظل تقاوم حتى تقتلني بتشبثها بحياتها وثقلها الرابض على حياتي" فكرت وهي تتابعهما بنظرة جانبية من تحت جفنها...
"لا تغادري السيارة أمي أرجوك ، ما هي إلا خطوات وأدخل قاعة المسافرين وحدي، لا تجهدي نفسك حبيبتي، هناء سترافقني إلى البوابة وتعود إليك لتغادرا فورا"
عاودت ضغط فكيها وهي تفكر" لماذا عليه أن يقدم لها كل تلك التبريرات، أهي قدر مفروض علينا حتى آخر لحظة" وبنشوة انتصار رفعت كتفيها وهي تسير إلى جانبه ليلجا معا بوابة صالة المغادرين ..
- تذكرني في كل لحظة.
- لن أتمكن من نسيانك وإن للحظة.
- سأعيش على حلمي بلقائنا حتى تعود.
- سأعيش أنا معك كل لحظاتي، فأنت بداخلي.
نسيت تماما وجود العجوز في السيارة بينما هي تلوح له بهوس وقد اجتاز بوابة المسافرين ليتوه بين عشرات الوجوه المشرقة والأيدي المرفوعة ملوحة لأحبة يقفون وراء الحاجز، اصطدمت كفه بخفة بكف الحسناء التي استدارت مستجيبة لنداء عجوز في الخارج تحاول استبقاء ملامحها حتى آخر لحظة، معتذرة نظرت إليه بعينين تشعان مرحا، وبهدوء أسدل جفنيه متقبلا اعتذارها..
" أملاك هذه أم أنثى؟" فكر وهو يخطو برشاقة عبر القاعة قبل أن يستدير ليبحث بعينيه من جديد عن زوجته، ويوسع من ابتسامة فقدت مذاقها محاولا الرد على ابتسامة وداع حنون وعينين دامعتين، "يا للنساء" تمتم بينما يدفع إبهامه بهدوء محبس الزواج من بنصر يسراه نحو طرف الإصبع، وتموج يمناه عاليا ملوحة لوجه لم يعد يراه، التقط المحبس في باطن كفه وأودعه جيب سترته وهو يستدير ليدخل قاعة الترانزيت.