ابن الصبية والحتاتة
تحسين أبو عاصي
– غزة فلسطين –
[email protected]
اشتهر العرب بكثرة التنقل والترحال من مكان لآخر ، وكانوا يعتقدون أن في ذلك خير
وبركة ، حملت امرأة عجوز زوجها الذي أقعده المرض ، حتى تحول إلى شبه هيكل عظمي ،
متنقلة به ، وفي الطريق ، قالت لابنها الشاب : اسمع يا ولدي : زوّج أباك ، إن أباك
في ظهره حي.
ذهب الشاب مهموما حزينا ، ماذا يفعل بوصية أمه ، وقد أمسى والده عجوزا لا يقدر على
الحراك ؟ وكان يقول في نفسه : إن أبي لا يصلح للزواج ، فكيف يمكنني أن أزوجه ؟ وكيف
يمكن أن يكون في ظهره حي ؟ .
سأله رجل حكيم عن الذي يقلقه ويُشغل باله ، وعرض عليه استعدادا بأن يحل مشكلته من
قبل أن يعرفها ، فقال له : ضع لي كفيل حق كي أقص عليك قصتي ، وضع الحكيم له كفيل
الحق ، وقص الشاب عليه قصته وما طلبت منه أمه ، ثم أردف قائلا : إن حقي هو أنني
أريد بنتك زوجة لوالدي .
وافق الحكيم على ذلك وبارك له ابنته زوجة لوالده الذي تزوجها بعد أسبوع ، وعاش
العجوز مع زوجته البنت البكر اليافعة يوما واحدا ثم مات ، وأنجبت من بعده طفلا .
مرَّ الشاب الذي زوج أباة على سبيل للماء يرتاده العرب ، فوجد طفلا في العاشرة من
عمره ، يضربه رجل كبير في العمر ، صرخ به الشاب كيف تضرب طفلا في العاشرة من عمره ؟
أجابه الرجل إنه ابني .
قال الشاب له : لا إنه أخي .
أخذ كل منهما يدعي بما يعلم عن الطفل ، تارة يقول الرجل : هذا ابني ، وتارة أخرى
يقول الشاب : لا إنه ليس ابنك هذا أخي ، وارتفعت أصواتهما ، وحدث نزاع بينهما ، ثم
اتفقا أخيرا على أن يتقاضيان عند حكيم مصلح يقضي بين المتخاصمين بالحق .
حضر الجميع عند قاضٍ مشهود له بين الناس بحكمته ونزاهته ورجاحة عقله ،
أمر القاضي بإحضار الغلام إليه .
المكان ممتلئ بالناس ، والجميع ينتظر لحظة الحكم ، وماذا سوف يفعل القاضي بالغلام ؟
.
قال القاضي للغلام : انظر يا ولدي أمامك ، ترى قطيعا من الأغنام لراعية ، اذهب
واحضر من هناك كبشا ، وبدون أن تستأذن من الراعية .
ذهب الغلام وأحضر الكبش للقاضي ، انتظر القاضي ساعة بعد ذلك ، فإذا الراعية صاحبة
الأغنام تأتي إليه تسأله عن الكبش .
قال لها ومن أدراك أن الكبش هنا ؟
قالت الراعية : علمت بالأثر .
قال القاضي : وماذا يقول الأثر ؟
قالت الراعية : يقول الأثر : إن الذي أخذ الكبش هو طفل ابن فتاة صبيّة يانعة ومن
بقية حتاتة شيخ عجوز .
قال القاضي : وكيف عرفت ذلك ؟
قالت الراعية : من أثر مشيته في الطريق ، فعندما تأتيه قوة الصبيّة ، كان يحمل
الكبش ويمشي به ، وعندما تأتيه قوة الشيخ العجوز كان يقع على الأرض .
عاش تراثنا الفلسطيني
ويسلم لي القارئ يا رب