خديجة

صالح جبار -بغداد

 ما تطمح إليه السيدة ( خديجة ) تعويض مافاتها ... لأنها تدرك جيدا , أنها ليست جميلة , ومذ فتحت عينيها , لم ترى سوى الفقر ينخر أحلامها ...

 واللهاث وراء لقمة العيش ... فكرت كثيرا , قبل أن تبدأ خطوتها الاولى ... نحو ظلال الهاوية  لكنها حين دخلت لعالمها المبهم ... والذي يحقق لها ما تصبوا له ... ودت لو أنها تموت قبل أن يبدأ مشوارها ...

 هذه السيدة الخجولة , والقصيرة القامة ... لم تكن تثير الاهتمام , رغم أن موقعها في العمل , يجعلها تبدوكمسؤل له تأثيرمعين ....

 كانت قليلة الكلام , ومنطوية على أسرارها ... لكن الفتيات المحيطات بها , عرفن أنها تغازل رجلا , من خلال هاتفها المحمول , ولساعات عديدة ...

وأزاء النظرات المريبة التي حاصرتها , أعترفت لهن :

      : أنه زوجي ...

وبدهشة موجعة صرخن : هل أنت متزوجة ....؟؟!!

 في عملها , حرصت أن تمارس , جميع الصلاحيات المناطة لها .. كانت تتابع تنفيذ أدق الفقرات , بحرص يشع غرابة , لترضي رغبة مديرها الغافل , عما وراء دبيب نشاطها ...

 بقي وقع خبر زواجها ... يثير المزيد من الغيرة وألاسئلة , بين الفتيات المحدقات بها طوال الوقت .. أكتشفت أحداهن , أنه تعيش بلا زوج .. ولما حاصرتها الظنون .. فتشت عن منفذ لحيرتها المطوية بين أسراب الوهن ..

فلم تجد مناصا من قول الحقيقة  :

    : حسنا ان زوجي يعمل في البصرة مديرا ... ألاترون عند نهاية كل شهر أتمتع بأجازة .. وذلك لأجل اللقاء به ..

سألتها زميلتها :  هل تلتقون هنا .. ؟؟!

                   : لافي البصرة ...!

 لم يكن كلامها مقنعا , لكنه أخرس الألسن وبمرور الوقت , كانت المرآة القميئة , قد رسمت صورة محددة في أذهانهم .. ولم يجروء أحدا منهم مناقشتها ..

 وتفانت بعملها الذي الذي بدت أنها تتقنه , لدرجة كبيرة ... كان عمل المحاسبة , يتطلب أعداد ( الموازين )لكن في الأشهر التالية , ظهرت أخطاء في الإحصائيات التي تقوم بأعدادها ...

 أحتاج الأمر لبعض التنبيه , من مديرها المباشر , ألا أن الملاحظات بدأت تتكرر , والأرقام تتضاعف , لتترك فجوة في الحسابات , التي لم يكن من السهل التغاضي عما يحصل فيها ...

 شعرت أن ثقة المحيطين بها تتقلص , لدرجة أن هناك من يسمعها كلام صريح عن : الاختلاس ...

 في موعد توزيع الرواتب , أكتشف أمين الصندوق , جسامة المبلغ المطلوب , حمل قيد المحاسبة معه وخاطبها :

    ما هذا المبلغ ياسيدة ...؟؟!!

 تهاوت عروش أحلامها , وغزا جسدها الاضطراب , وسط حشرجة صوتها المنهار .. تراجع الرجل الى مكانه .. لكن الفزع الذي أنتابها , جعلها تبدومثل فريسة , لاتفكر سوى بالهرب نحو المجهول الذي جاءت منه ...