عِناق
مصطفى حمزة
(1)
قالت الفستقة للبندقة :ها قد التقينا من جديد يا أختاه في هذا الكيس الورقيّ ! أجابت البندقة : نعم ، ولم يسـتطع أن يُفرّقنا التاجرُ، ولا السمسارُ ، ولا نارُ المحمصة .فمنذ قَطفونا من شجرتينا المتجاورتين في بُستان " أبو عرَب " و نحن نلتقـي مرّةً بعد مرّة !
أجابت الفستقة : صدقتِ ، فقَدَرُنا أن نبقى معاً إلى الأبد .
ولمْ تكد تُنهي الفستقةُ جملتَها حتى سمعتْ طقطقةَ أضلاعِها تحتَ ضرسين لايرحمان !
فصرخت تُنادي متأوّهةً : آه آه ،الآن أظنّ أنّه الفِراقُ يا أختي البُندقة ! فالوداع الوداع !
صاحت البندقة قبلَ أن يُطبقَ عليها الضرسانِ نفساهُما : لا يا أختي الحبيبة لا ، لابدّ أن نلتقي يوماً .. لابُدّ !
(2)
وبعدَ بُروقٍ ورُعودٍ رَعيبةٍ هطلَ الغيثُ ، وأصابَ بُستانَ أبي عَرَبٍ ، وعمّ أرضَهُ الفسيحةَ المُمْتدّةَ من مُحيطِها البعيدِ إلى الخليجِ المُجاورِ ؛ فاهتزّتْ تُربتُهُ المُتشقّقةُ ورَبَتْ وأنْبتتْ من الثّمارِ ما يُبهجُ الناظرينَ .
ثم تعانقَ الفستقُ والبندقُ من جديد ..