حق الآخرين راحة في القبر
من قصص التراث الشعبي الفلسطيني
حق الآخرين راحة في القبر
تحسين أبو عاصي
– غزة فلسطين –
توفي رجل كان يقرأ القرآن في المقابر وفي مناسبات العزاء ، وبعد موته بيوم واحد ، رآه ابنه في النوم مرتديا لباسا أسودا ، يخرج منه الدخان ، حزن الابن حزنا شديدا وكثر بكاؤه ، واحتار ماذا يفعل بشان والده الذي كان ضريرا هادئا مهذبا يحبه الناس ، وتساءل في نفسه : هل كان أبي يخادعنا فيتظاهر بأنه ضرير وهو مبصر ؟ وهل كان أبي يرتكب المحرمات ونحن لا نعلم ؟ وكثرت الأسئلة في ذهنه وتراكمت ، ولم يعثر على إجابة ، وكان دائما حزينا وحيدا يفكر في أمر والده .
كان يسأله أهله وجيرانه وأصدقاؤه عن السبب ، فكان يخفي عليهم ، فقد كان في أيام العزاء يجلس بين الناس طبيعيا ، ولا يبدو عليه آثار هذا الحزن الكبير الذي يعاني منه الآن .
جاءه رجل صاحب مطعم وقال له : إن أباك رحمه الله اشترى مني طعاما لضيوف له قبل أيام من موته ، ولم يدفع ثمنها ، دفع له ابنه الثمن ، وقد شعر براحة كبيرة .
ثم جاءه رجل يبيع الطيور وقال له : إن أباك المرحوم اشترى مني دجاجا ، ولم يدفع الثمن ، دفع له الابن ثمن الدجاج وهو يشعر بسعادة كبيرة .
وفي ذات الليلة التي سدَّ الابن دين والده كله ، رأى أباه مرتديا اللباس الأبيض وعلى وجهه النور ، فشعر براحة وسعادة ، واطمأن على والده قائلا : الحمد لله رب العالمين .
نسأل الله حُسنَ الختام.