تذكرة إلى الجحيم
تذكرة إلى الجحيم
ثناء ملحم
[email protected]
أتى
من حيث هو نفسه لا يدري سوى طيف قرية لم يردها يوما لاأرضا و لا موطنا الى أن صار
حلمه القرية ...بين دروب الظلام و قلة العيش و حب ساكنيها نما ،سقوه من حبهم و
ضيقهم هما يستحيل حمله ...كان ابتسامة تضيء الدروب المظلمة و محطة لمن اتعبه
الركض.
عاهد الأيام ...عاهد من لاتحفظ وعدا و لا عهدا أن يظل ، قرية تحتضر من هجر ساكنيها
فتكوي الشمس أسقف البيوت القديمة و كأنها تنتقم منها... ممن هجرها... فلا
يعود..تسوَّد وجوه من بقي و تتمايل أغصان الأشجار منكسرة راغبة هي الأخرى في الهجر.
تتساءل الشوارع و تبحث عن أيام خلت زيَّنها تكاتف أسر وأطفال من كثرة لعبهم
أضفوا عليها لونا تكتسيه كل شوارع الكون فتتناسى حقها في طلب العناية...تنار
بقناديل البيوت كاسرة الظلام... تغسل بأمطار تعجز أسقف البيوت على تحملها و تكوى
أشجارها بصيف حارتذوب و الجذور فلا يبقى سوى جذع يحاول الظهور خجلا يبكيها ...
أبكيك حيث أنا بيوت تعانق السحاب و شوارع تخجل شوارعك رؤيتها الا أنك ستظلين بيتي
، مضيافة هي البيوت حيث أنت ....بيوت لا تسع ضيافتها الا اثنين من ضيق مساحتها
لا
تغني عنك انارة و لا استعلاء بيوت من فخامتها ...ستظلين عندي كيفما كنت... أحن
اليك ... أحن الى جار نادى اسمي طلبا لخدمة...الى أمي تنادي اسمي ...الى انتظار أب
طال ... الى عجائز تربوا فيك آملين أن يدفنوا حيث أنت ...لصنبور ماء اجتمع حوله كل
من هاجر طلبا لماء يغتسل به من غبار احتضنك قبله و ما يزال... الى قبر قريب شدني
لرؤيته فأراك أطلالا لا ترمم الا في مخيلتي فتعودين مثل ما كنت...كريمة تفتحين
أبواب حصنك و لا تسألين عن أرصدة و لا عن نسب ليجتمع الفقراء داخل حصنك... فعذرا ثم
عذرا باسم كل من هجرك.
تذكرة أبعدتني عنك من عجزك ...بل ممن تناساك...من غيرك فلا تكثري اللوم ... و ان
فعلت فاسالي الفقر و الضيق و الحرمان لعلي أجدك يوما متناسية هجري...أو تستكفين
بزيارتي لساعات ألتمس فيها صفح البيوت و من سكنها ...صفح جار طالت رؤيته...
تركتك حارسة بيتي , فلا بيت بعد الرحيل و أنت كل البيت ,لأجدك كريمة مثلما عهدتك
, قرية منسية الا من قاطنيها ...ابحثي في سجلهم ستجدينني صرخة مولود في سمائك ...
رسومات على كراسة استغلها بائع في غيابي لتغليف ماأسماه بالحلوى عليها نقشت أيام
الصبا.. يوم كانت محفظتي بنصف و زني أو تزيد ... و مدرسي يبكي غباء من طلب علما
... يوم كنا أعزاء بين دروب أحيائك نشتهي قليل الخبز لا الغذاء أو الغناء ....يوم
تعودت فيه الأفواه على ان تظل مقفلة لكي لا تطمع الا بما يقدر عليه كل معيل عاجز
عن اعالة نفسه... في احد بيوتك المهجورة ضاع اسمي بين رضيع و متلهف لمن يعتني
بي.. أم قد تكون شابت أو ربما ودعت شبح ظلامك ...لم أراها منذ يوم وداعي لك و
لها...ان لم تذكريني ....فلا ذكرى لدي الا حيث أنت ...عار علي نسيانك , فاذكريني
طفلا بين أحضان أم في انتظار معيل...لولاها لما كنت فاشكريني لتشكريها هي أمي ان
تناسيتيها أذكرك عروس لم تصل سنها تحجرت رجلاي يوما عند رحيلي لها آملا رؤياها
غانما أعود اليك و اليها
..تحلم بيوم قدومي طارقا بابها , لم تكن تدري أنني سأهجر نفسي حين أهجرها ,
فبعدت... بيدي تذكرة جاد بها القدر ليبعدني لعله يعذبني أم يعينني. هجروك قبلي و
رجعوا نعوشا.... لم يرضوا الا أن تكوني المدفن فارحميهم لترحميني ...لعلي أكون نعشا
فترحميني...قرية لعنك غيري قبل أن ألعنك و لم يسكنك و أنت ساكنتي...
كانت تذكرة بعد عذاب و ملل و غياب ,,, تذكرة لن يرضى عليها مثلي حيث أنا...مللت
دنياي و قريتي....مللتك من بعدك و من غضبي عليك ودنياي , لما تلازمينني شبحا ؟ أم
تريدينني نعشا و لا من يبكيك بعدي مثلما بكيتك...أم معمرا لنعوش حواريك ؟ أن لمتك
من ضيقي فاعذريني ... أم من بعدي فاحضنيني و افتحي ذراعي أم انتظرت قدومي
...فاغفري ذنبي بل ذنوبي...أبكيك و أبكي حالي من ضعفي و اهمال غيري لانصافك ثم
انصافي.
ضاع
دليلي و لا من يدلني الى حيث الصواب ليمتزج عندي الغد باليوم و يرتاح الفكرالا من
من ذكريات ما أردتها رفيقا فابعدي شبح أيام بين دروبك عشتها ليستمر عيشي , ان كانت
لعنة منك على هاجريك فليغفر لي تذكرك و عذاب بعد و ان كان حنينا اليك تكفيني صلاة
أتوسل بها رحمة بي و بك...أحن اليك .
أنا
منك ان نسيت من بطن حبلى ما وجدتك يومها عونا لي و لها , من عجزها كانت تذكرتي و
اليوم تطلب عودتي بعدما رسمت الضياع قدري , فاكتفي بأعداد من أضاعوا غدا قرب اسوار
حصنك يرون الغد مشرقا و لا شمس ليومك .
أنا
أنت عاجز عن تذكر اسمي و يوم ولادتي عندما أضعتك بين دروب الكون و بها قارنتك
...ان أردت علوا فانسي أنك يوما كنت ...أم حنينا فأنت الكون عندي لا عند أعزاء
أنجبتهم بعيدا يرون الكون في بعدي , فاصفحي الي يوم ضاع دليلي.
أخاف على نفسي يوما أعود اليك حقيبة بلا مسافر ...غادرتك مثلما تذكرينني ان كانت
للذكرى بين دروبك مستقر ..و أعود نعشا ...حقيبة يتلهف الأطياب لحملها لتستقر في
الخلاء ليس بعيدا عنك يومها تذكري أنك ما أنصفت نفسك و ما أنصفت راحلا يوم وداعك.