قصص قصيرة

قصص قصيرة

د.احمد جارالله ياسين*

[email protected]

كانت القضبان الحديدية الباردة تفصل بين وجهه والسماء التي ارتسمت في غيومها البيض صورة وطن حنون بعيد جداً عن القضبان الحديدية، لكنه قريب جداً من قلبه ولذا كان قميصه مبللاً بالأمطار دائماً، لاسيما من جهة القلب الذي غفا على أضلاعه النحيلة، كوردة حمراء ندية.......

.

هوايضا لم يغادر مربع زنزانته الصغيرة المعتمة التي حشر فيها مع زملائه، ولكن كلما فتشه الحراس وجدوا على ملابسه الممزقة ذرات غبار رائحتها العطرة غريبة عن أنوفهم

في اثناء التحقيق معه ,سالوه عن مصدر الغبار؟فاخبرهم بانه يتجول يوميافي المساء وحتى مطلع الفجرفي بلاد واسعة تمتد في ذاكرته! سخر المحققون من اجابته ...ولم يقتنعوا بها,فعاقبوه بالحبس الانفرادي وسط اربعة جدران ضيقة جدا..مع تشديد الحراسة عليه...لكنه مع ذلك..لم ينقطع ابدا عن التجوال في تلك البلاد!

((الرجل النحيف))

رجل ما، كان يُشبع رؤياه يومياً بالنظر من ثقوب الجريدة إلى واجهات المطاعم في مدينة البصرة

لكن أيَّ واحد من أصحاب تلك المطاعم لم يره أبداً على الرغم من طول قامته النحيفة التي كانت

الشناشيل حيث كان الرجل يتناول يومياً الحمص الرديء المسلوق

. تنتصب مساءً قرب عربة البائع المتجول تحت

.

في بداية عقده الرابع توفي الرجل وحيداً تحت المطر، لكنه فيما بعد نهض مجدداً، فوق قاعدة من الرخام الأسود كُتب عليها :

:

(بدر شاكر السياب)

((موسم للحب))

الطفل المتسوِّل يكره الشتاء لأن شدة البرد قد أجبرت كفه مراراً على البقاء في جيبه الفارغ على الرغم من كثرة العابرين بجيوبهم الثقيلة المارة بقربه

.

الطفـل المتسول النَّحيل يكره الصيف لأنه أُصيب ذات مرة بضربة شمس كادت تقتقله لولا تدخل الغرباء الذين سحبوه بأطراف أصابعهم من ياقة قميصه، وركنوه في ظلٍّ بجوار حائط المستشفى

.

الطفل المتسول اليتيم يكره الربيع لأن المدينة فيه تكاد تخلو من الأثرياء الذين يذهبون مع أطفالهم للتنزه في البراري وقطف الأزهار بأيديهم بينما يدعون يده الصغيرة فارغة طوال النهار

.

الطفل المتسول ذو العينين الغامضتين يحب الخريف جداً، لأنه يستمتع بمنظر الورقة الذهبية الصفراء حين تسقط من أعالي الشجرمرتجفة حتى تستقر في باطن كفه، فيسحقها بقسوة لذيذة

..

أرنب

أنا لاأستطيع الوقوف أمام المرأة الجميلة أكثر من دقيقة واحدة، لأنني أخشى ماقد يفعله الأرنب المشاكس الذي أحبسه في قفص صدري..........ولذلك حين ابعث قصائدي في رسائل بريدية الى الجرائد كنت اتجنب النظرالى العيون الفاتنة للموظفة الشابة ,وعادة كنت اشتري الطوابع منها بخجل واغادر مسرعا بعد ان الصق الطوابع على الرسائل واضعها على عجل في صندوق البريد ....

في صباح هذا اليوم غافلني ارنب القلب وقفز فجاة نحو الحقول الخضر في عيني الموظفة الشابة .....!!فلصقت الطابع على ظرف الرسالة ووضعتها بما فبها من قصائد حب في

..

حقيبتها اليدوية

(انفجار)

هندست قلبها بشكل دقيق,ووضعت في اساساته صخورا قوية,ووضعت للنوافذ زجاجا ضد الرصاص والحب والعصافير ,واشترت للباب قفلا ضخما مع جرس للانذار المبكر, وبعد ان انتهت من اعمال البناء المحكم ,وفي لحظة خروجها فلتت منها ماسكة الشعر الحمراء- وهي آخر هداياه لها قبل الخصام - التي كانت بصورة وردة صغيرة ,فسقطت في قاع القلب بين الاساسات الصخرية التي لم يجف منها الماء , لكنها لم تشعر بذلك الا بعد اكثر من عشر سنوات, وبعد ان رات في جدران القلب شرخا واسعا,تبرز من خلاله وردة حمراء تهدد القلب بالانفجار..

              

من مواليد مدينة الموصل في العراق 1972

_حصل على الماجستيرفي الادب الحديث عن رسالته (التدوير في شعر حسب الشيخ جعفر) 1998

_حصل على الدكتوراه عن اطروحته(اثر الرسم في الشعر العراقي الحر)2002

_نشر عشرات المقالات الصحفية في الادب والفن والنقد.

_صدرت مجموعته الشعرية الاولى (هوامش)عام 1999.

صدرت له مجموعة شعرية مشتركة مع عدد من الشعراء(تخطيطات مفتوحة)عام 1999.

_صدرت له مجموعة قصصية مشتركة (قصص من نينوى)عام2003.

_اقام عدة معارض شخصية للرسم .

له مجموعة قصصية بعنوان (حRب)عام 2004

العنوان البريدي العراق /الموصل