الكلاب
محمد حسن فقيه
خرج من المسجد متجها نحو بيته ، فأحس بخطى خفيفة تدب خلفه وتتبعه .
نظر وراءه ، فرآه كلبا صغيرا مدللا ..... أليفا يبدو عليه أنه إبن نعمة ...... وذلك من صوفه الطويل الناعم ..... والطوق الذي يزين عنقه .
التفت إليه ونهره فذهب بعيدا عن طريقه .
أحس بحركة خفيفة أخرى أشد من الأولى تتحرك خلفه وتلحق به .
ولما نظر خلفه رأى كلبا بريا ضخما ، تظهر عليه الوحشية والشراسة يتبعه .
اقترب الكلب منه ، ينبح خلفه بشراسة ويحاول مهاجمته .
نهره وزجره ، إلا أن الكلب إزداد عنفا وشراسة ، واستمر باللحاق به ومحاولة مهاجمته .
انحنى على الأرض .... التقط حجرا وأهوى بها تجاه الكلب .
انسل الكلب هاربا .... يعوي ... ويجري نحو قافلته .
وقبل أن يصل إلى منزله ، شعر بخطوات أثقل تدب وراءه وتتبعه .
ولما التفت حوله وجده يسير خلفه وهو يحدجه بنظرات ثاقبة .
كان يعد خطواته .
ويسجل ذكره وتسبيحه .
ويحصي أنفاسه .
ويقرأ أفكاره ! .
ولما التقت عيناهما ، كان في عينيه نظرات الكراهية.. والوعيد... والإنتقام !.
فدنا منه وسلم عليه ... فاستمر ينظر إليه دون أن يرد التحية .
هش له وابتسم ، فتحولت نظرته من الوعيد والكراهية إلى الإستغراب .
تقدم نحوه ومد يده يصافحه .
تحولت النظرة إلى دهشة مع الإستغراب ووقف برهة فاغرا فاه قبل أن يمد يده .
سأله أي مساعدة يريدها .
تلعثم ولم يجد جوابا .
دعاه إلى المنزل لشرب فنجان قهوة .
ارتبك واختلط كيانه ، ثم دق على صدره بحركات عصبية مرتبكة شاكرا .
وجه له دعوة غداء أو عشاء مفتوحة في أي وقت يختاره .
إحمر خجلا .... واعتذر.
مد يده يصافحه مودعا ، وهو يكرر دعوته ، وترحيبه للإجابة على أي سوال يدور في ذهنه أومناقشة أي موضوع يختاره .
ارتبك وحار في أمره وقد إزداد وجهه احمرارا وخجلا .... إعتذر ثانية ومد يده مودعا ومتأسفا ، ثُم أفلت يده ، ومضى في طريقه عائدا من حيث أتى وهو يمزق ويمسح كل ما كتبه وسجله عنه ....... ويلعن في سره من أرسله خلفه .