الأمل
أنس أبو عريش /الخليل
إنها أمل .. طفلة تبلغ من العمر 10 أعوام..توفيت والدتها أثناء ولادتها, أما أباها فقد مات قبل نحو أسبوع في حادث سير أثناء انتظارها له في البيت .وقد انتقلت بعدها إلى أحد دور الأيتام.
من حسن حظها أنه لم يكن لها أخوة فلو حصل ذلك لكانوا الآن معها في الشارع كما أنه لا يوجد معها سوى 10 قطع نقدية أعطاها إياها والدها قبل خروجه من البيت آخره مرة ,قررت أن تشتري بهن مجموعة أقلام لتبيعها في الشوارع وتشتري بالأرباح القليلة مجموعة أخرى وتبيعها ..وهكذا فلا أحد قبل بإقامتها عنده.
في أحد الأيام بينما كانت أمل تحاول أن تجبر المارة على شراء الأقلام بدأ يقترب منها رجلاً طويلاً يلبس بدلة رسمية سوداء وربطة عنق بيضاء جميلة ..فكرت أمل أنه قد يكون رجل أعمال أو ما شبه ذلك ولا بد أنه يحمل الكثير من المال.
اقترب الرجل منها شيئاً فشيئاً ما إن وصلها حتى مدت أقلامها باتجاهه ,تقدم إلى الأمام دون أن يكلف نفسه بنظرة واحدة , لحقت به وقالت :
- أرجوك يا سيدي اشتر هذه الأقلام.
لكن الصفعة الشديدة لها كانت عندما دفعها على الأرض وقال:
- أنا لا أشتري منكم أيها المشردون.
ثم تابع طريقه ظلت تراقبه بغرابة إلى أن اختفى عن أنظارها. أثرت فيها كلمات ذلك الرجل المؤلمة, وجرحت مشاعرها.
بعد منتصف الليل ذهبت إلى أحد زقاق المدينة .لأنها لم ترد العودة إلى دار الأيتام بسبب المعاملة السيئة لها من قبل العاملين في الدار .أخذت مجلة كانت ملقاة في إحدى حاويات القمامة القريبة لتنام عليها. حاولت النوم ..لكن النوم لم يعرفه طريقه إليها ..فأمسكت المجلة و أشغلت نفسها بالنظر إلى الفساتين الفارهة . لم تستطع إطالة النظر فأمسكت بقلم وبدأت برسم خطوط صغيرة متعانقة كحبيبين على الصفحة الأولى للمجلة..بعد أن أنهت رسمتها ألقت نظرة سريعة فوجدت نفسها قد رسمت وجه أبيها المدور ذو العينان الواسعتان , قبلت رسمتها وضمتها إلى صدرها ثن أطلقت تنهيدة خرجت من أعماقها ثم انتقلت إلى صفحة أخرى رسمت رسمة أخرى.. وبعد أن أنهتها نظرت إليها فوجدتها إحدى الفساتين التي انطبعت في ذاكرتها بسبب المبلغ الذي كتب بجانبها |"10000 قطعة نقدية"| وهو مبلغ لم تحلم بالحصول على نصفه طوال حياتها.
في الصباح مر رجلٌ لطيف بالقرب منها فرأى فتاة نائمة بملابس بالية هالكة تغلق يديها على مجموعة أوراق, دفعه الفضول إلى سحبها والنظر إليها ,حينها انبهر بجمال لوحتيها حيث استغرق عدة دقائق في النظر في كل لوحة ,أيقظها من نومها وسحبها معه.
بعد 5 سنوات كانت وسائل الإعلام من صحف ومجلات وتلفاز تنشر خبراً مفاده :
أشهر وأغنى رسامة في البلاد ابنة الخامسة عشرة تفتتح عدة دور للأيتام على نفقتها الخاصة.