ولدي المراهق
إيمان شراب
صفعني ولدي المراهق على عقلي عندما وجّه إلي تهمة خطئي في تربيته ! وأنا التي كنت أظنني المربية الحكيمة الفاضلة الخبيرة !
قال لي : قد رأيت شواهد ودلائل يا أمي تدل على أنني أدخّن ، رأيت معي ولاعة! ورأيت آثارحرق على ملابسي ! أليس هذا كافيا لتفهمي أنني أدخّن فتمنعيني؟!
قلت له : سألتك وقتها بنيّ ، فاخترعت كذبات جعلتني أصدقك ! فهل أنا مخطئة لأنني وثقت بك وصدقتك؟!
قال : نعم ، ماكان عليك أن تثقي بي إلى هذه الدرجة .
قلت : ألم أعلمك ووالدك الحلال والحرام ؟ألم تنشأ في بيئة علمتك الصواب والخطأ؟ ألم تكن في مدرسة يفترض أنها تربي وتعلم؟
قاطعني : وهذا خطأآخر ، ثقتكم بالمدرسة ! إنها بذرة بلائي يا أمي!
قلت وقد انزعجت : وهل كنت تخبرنا شيئا عن مشاكل المدرسة ؟ ما أدرانا نحن إذا لم تخبرنا أنت ؟
ابتسم مشفقا : وهل كنت آمن على نفسي لو تحدثت ؟ هل آمن ثورتك ؟ هل آمن بركان أبي ؟
قلت وقد انزعجت أكثر : ألست بالغا ؟ أم أنك لست مسؤولا ، أولعلك غيرمحاسب على أخطائك؟
قال : أنا أعترف بخطئي ، وعليك أن تعترفي بخطئك .
قلت : إن كنت أخطأت ، فإنني لم أقصد ، ثم ماهو خطئي ؟ ثقتي بك ؟ هل يجب أن أقدم سوء النية ؟ ظننت أنني لم أقصّر معك تربية وتوجيها وبكل الأساليب : بالحب والحوار والإقناع والشدة والعقاب!
وكنت دائما أخاف من الشدة لأنك عنيف وعنيد وصعب ، فكانت أمامي معادلة صعبة : شدة، مع الإبقاء على علاقتي بك حتى لا تتمرد فتركل كل الاعتبارات وترتكب المزيد من الحماقات !
قال لي : الحقبقة ياأمي – ولا تغضبي – إنك اخترت أن تريحي نفسك ، فصدقت كذبي ، ولم تراقبيني بما يكفي ، فكنت أنا المتضرر الوحيد .
قلت : غريب ماتقوله ! إن شوكة في رجلك حبيبي هي طعنة في قلبي ، ولا أبالغ .
قبلته ومسحت رأسه ودفّأت قلبه بحنان الكلمات والأمل ، وشكرته لشجاعته ، واعترفت له بخطئي لأريحه ولأنني مخطئة فعلا، وأثبتّ له ان الأوان لم يفت للإصلاح والعلاج .
أراد ان ينصرف، ولكنني أمسكت به وألححت عليه ان يعدني بعدم الكذب أبدا ، ليسهل عليّّ العلاج .
بقيت مكاني، أمسح دموع ضعفي وخيبتي وهزيمتي وفشلي! ولكنني مع ذلك وجدت مكانا للأمل وسط زحام الإحباط !
جرس الباب يرن،وحفيدي القادم غاضب : إنه أبي ياجدتي ! وكأنه ليس له عمل سواي ، يراقب دخولي وخروجي ووحدتي وكتبي وحديثي ونظراتي وأنفاسي ، لقد تعبت منه وقد أترك له البيت يوما !!
أمسكت هاتفي النقال ، وكتبت : ليس هكذا بنيّ! بل حب وسياسة وأمل وثقة لها عيون . أم أنك نسيت ؟!