الصناديق

حاتم الشبلي /سوداني

[email protected]

 في طفولتي كنت مشغوله بجمع الأشياء الغريبه،ما أن تري عيني صدفه جميله،أو  غطاء زجاجه عطر فارغه، أوخاتماً ذو تشكيل مختلف حتي أسارع بألتقاطه وأضعه بعنايه في إحدي صناديقي التي أعددتها لهذا الغرض ،ذات مرة رأتني أمي وأنا أفتح تلك الصناديق النائمه تحت سريري داخل غرفتي فأ نتهرتني وأخذت تولول وتبكي وأتهمتني بأن بي مس من الجن ، وتدخلت جدتي وعالجت الموقف بأن أخذتني ساعتها من يدي الصغيرتين ووضعتني بين يدي الفكى ، فقرأ لي ماتيسر وأعطاني عدد وافر من البخرات ، وبعد تلك الحادثه أصبحت حذرة في تعاملي مع هوايتى المحببه،  فمثلاً بدل تجوالى المحموم في الشوارع والكوش طوال اليوم  بحثاً عن كنوزي الصغيره ، اصبحت أكتفي بجولة واحده صباحيه ، مباشرة بعد أن أصحو من نومي ،أقطع المسافة الطويله مابين منزلنا وكوشة الحي المجاورحافية القدمين ، منكوشة الشعر ، أحمل علي عيني بقايا الليل والنعاس ،وأبدأ مهمتي العزيزه ، ثم أعود إلي غرفتي وصناديقي خلسة بما حملت ، وقبل أن يفتقدني أحد، مرت سنوات وأنا علي هذه الحاله حتي تصاعدت لهفتي لهوايه جديده تنسجم مع كوني أصبحت مراهقه ،كنت أجمع صور الممثلين والفنانين والمشاهيروأضعهم بحنو علي كراسات وعلي كراتين وأحياناً اضع إطارات ملونه أخص بها المفضلين ، ثم أحتفظ بهم داخ ل صناديقي التي أصبحت فارغه من أشيائي القديمه، إلا أنني أحطت هوسى الجديد بسرية أكبر، ربما لأني كنت أعتبرهم عشاق من لحم ودم ، كنت أتحدث إليهم ، أ حاورهم ، واناقشهم  ، وأحياناً أتشاجر معهم ، كانت بيننا علاقه إ نسانيه كامله ، وفي كل ليله كان أحدهم ينام معي ، لقد خبرتهم جميعاَ ، أنا البنت السعيده التي حظيت بكل هذا الشرف ، وكثيراً ما كانوا يطلبوننى ،برغم أنوثتى الطاغيه كما تقول التعليقات الجانبيه  لصديقاتي ومغازلات أولاد الطريق العام ، برغم ذلك لم أجرب الحب ‘ حتي أحمد الذي كان أكثرهم جرأة  وإقناعاً ، لاأستطيع أن أقول أكثر من أنه أجبرني تحت ضغطه وإلحاحه المتواصل علي أن أكون حبيبته ،في مرة من المرات القليله التي خرجنا فيها سوياً كنا في طريقنا إلي بيتي عقب برنامج غنائى ساهر، أخذ يتحدث معي بدفء و رومانتيه بائنه ، كان شفيفاً لحد انني علي وشك أن لاأراه ، خرجت كلماته حاره وطازجه من فرط إحساسه بي وباللحظه ، اما أنا فكنت أحاول ان أتفاعل معه دون جدوي ، مخفية بمهارة بنت شقية لامبالاتي ، تماهي أحمد في بوحه وأعترافاته، أخذ يدي يتحسسها ، مررها علي أجزاء أخري من جسدي ، فأعتراني شيء من الارتباك ، باغتني ، طوقنى وضغط علي خصري ، أحد الممثلين الآن يقبلني ، يداعب خصلات شعري الهاربه ، يحلق بي بعيداً بعيداً ، أستبدت بي سورة الطرب والنشوي ، خرجت آهه لاهثه أتبعتها بأسمه الذي أنفلت من لساني ، احمد ترك كل شئ  ، صفعني علي خدي وسب ثم جذبني من يدي وأنطلقنا ، لم يحدثني طوال الطريق ،وأنا كذلك ، أعتقد أنه كان في تمام الضيق والأستياء0 وفي ليلة زواجي من احمد حضروا جميعهم ،تركوا صناديقهم وجاءوا ليحتفلوا معي ، إلا أنهم تبخروا فجأة وبدون سابق مقدمات وربما إلي الأبد ، بعد ان عدنا فتحت صناديقي دون أن يراني ، جمعت كل ممثلي وفناني العالم وأحرقتهم ، لم يفلت منهم أحد ، طاروا جميعاً عبر خيوط الدخان ،كما طاروا من ذاكرة الأشياء لحظة إحتراقنا انا وأحمد، وبعد ذلك لملمت أنوثتي التي أكتشفتها للتو ووضعتها أمام عيني أحمد، تسع سنوات مرت ولازلنا معاً إلا أنني عدت لهوايتي القديمه،وهكذا أصبحت طفلة من جديد تبحث عن أشيائها الخاصه 0